معناه : «الهجر» أي الكامل الهجر بهذه الصّفة وهو ألّا يلمّ خيال فمتى ألمّ خيال لم يكمل الهجر. فهذا ما ظهر لي وفوق كلّ ذي علم عليم.
وأمّا السؤال السادس : فالحديث باللّفظ الأوّل (....) (١) وأمّا الثاني فهو من كلام عبد الله بن الصّامت الراوي عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «إذا قام أحدكم يصلّي فإنّه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرّحل فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرّحل فإنّه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود قلت : يا أبا ذرّ ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر قال : يا ابن أخي سألت النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما سألتني فقال : الكلب الأسود شيطان» رواه مسلم. وهي في المثال الأوّل للفصل. قال (٢) ابن هشام في (المغني) في أقسام (من) : «الثاني عشر : الفصل ، وهي الدّاخلة على ثاني المتضادّين نحو : (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) [البقرة : ٢٢٠](حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) [آل عمران : ١٧٩] ، قاله ابن مالك ، وفيه نظر ، لأنّ الفصل يستفاد من العامل فإنّ ماز وميّز بمعنى فصل ، والعلم صفة توجب التمييز ، والظاهر أنّ (من) في الآيتين للابتداء أو بمعنى (عن). وقد أقرّ الشيخ أبو حيّان في (شرح التسهيل) ابن مالك على ذلك فقال : «قال المصنّف في الشرح : وأشرت بذلك الفصل إلى دخولها على ثاني المتضادّين نحو : (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) و (حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ،) ومنه قول الشاعر : [المضارع]
٧٦٦ ـ فإنّ الهوى دواء |
|
لذي الجهل من جهله |
انتهى». قال الشيخ : «ومنه : «لا يعرف قبيلا من دبير» وليس من شرطها الدّخول على المتضادّين بل تدخل على المتباينين ، تقول : لا يعرف زيدا من عمرو» انتهى كلام الشيخ في (شرح التسهيل).
وعلى هذا فتكون في قول عبد الله بن الصّامت للفصل أيضا ، أي : ما بال الكلب الأسود منفردا من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر. ويحتمل أن تكون بمعنى (عن) ، وكذلك هي في بيت المعرّي في قوله (٣) : [الطويل]
[...] |
|
فغير خفيّ أثله من ثمامه |
__________________
(١) يوجد بياض في جميع النسخ ويبدو أن هناك نقص في النصّ.
(٢) انظر المغني (ص ٣٥٧).
(٣) مرّ الشاهد رقم (٧٥٩).