تطلق بوقوع الفعلين جميعا ولا تطلق بأحدهما دون الآخر ، إن دخل ولم يكلّمها لم تطلق ، وإن كلّمها ولم يدخل لم تطلق ، وإذا جمع بينهما طلقت ، ولم يبال بأيّهما بدأ بالكلام أم بالدّخول ، أيّ ذلك بدأ به وقع الطّلاق بعد أن يجمع بينهما ؛ لأنّ المعطوف بالواو يجوز أن يقع آخره قبل أوّله ، ألا ترى أنّك تقول : رأيت زيدا وعمرا ، فيجوز أن يكون عمرو في الرؤية قبل زيد ، قال الله تعالى : (وَاسْجُدِي وَارْكَعِي) [آل عمران : ٤٣]. وكذلك إن قال لعبده : «إن دخلت الدار وكلّمت زيدا فأنت حرّ» ، فإنّه لا يعتق إلّا بوقوع الفعلين جميعا كيف وقعا لا فرق بينهما في وقوع الأوّل قبل الثاني أو الثاني قبل الأوّل.
المسألة الثامنة : إن قال لها : «إن دخلت الدار فكلّمتك فأنت طالق» فهذه لا تطلق إلّا بوقوع الفعلين جميعا ، وتقدّم المتقدّم فيهما في الشّرط ؛ فلا تطلق حتى يدخل الدار أوّلا ثمّ يكلّمها فإن كلّمها قبل الدّخول لم تطلق ، وكذلك العبد لا يعتق لأنّ المعطوف بالفاء لا يكون إلّا بعد الأوّل وكذلك (ثمّ).
المسألة التاسعة : فإن قال لها : «إن كلّمتك أو دخلت دارك فأنت طالق» طلقت بواحد من الفعلين وإن لم يكرّر (إن) ، فأيّهما وقع طلقت ، لأنّ (أو) لأحد الشّيئين ، وهو بمنزلة قولك : «إن كلّمتك وإن دخلت دارك فأنت طالق» ، لا فرق بينهما في وقوع الطّلاق. وكذلك في العتاق إذا قال : «إن كلّمت زيدا أو دخلت الدّار فعببدي حرّ» عتق بواحد منهما. وإن وقع الفعلان وقع الطلاق والعتاق لأنّه إذا وقع بواحد فالاثنان أجدر أن يقع بهما.
المسألة العاشرة : إذا قال لها : «أنت طالق وإن دخلت الدّار» طلقت في وقتها على كلّ حال ، لأنّ المعنى : أنت طالق إن لم أدخل الدّار وإن دخلتها ، لأنّ الواو عاطفة على كلام محذوف ، وكذلك إذا قال : «عبدي حرّ وإن دخلت دارك» عتق على كلّ حال لأنّ المعنى : عبدي حرّ إن لم أدخل دارك وإن دخلتها وكذلك إذا قال : «عبدي حرّ وإن لم أدخل دارك» عتق لوقته على ما ذكرت لك.
المسألة الحادية عشرة : فإن قال لها : «أنت طالق إذا دخلت الدار» لم تطلق حتى تدخل الدّار. أمّا (إن) فشرط لا يقع الطلاق إلّا بعد وجود ما بعدها ، وأمّا (إذا) فوقت مستقبل ، فيه معنى الشرط فكأنّه قال : أنت طالق إذا جاء وقت كذا ، فهي تطلق وقت دخول الدار ، فقد استوت (إن) و (إذا) في هذا الموضع في وقوع الطّلاق ، ولهما مواضع كثيرة يفترقان فيها في هذا المعنى عتق لوقته على ما ذكرت لك.