المسألة الرابعة عشرة : إذا قال : «كلّما دعوتك فإن أجبتني فعبدي حرّ» ، فدعاه ثلاث مرّات وأجابه مرّة فإنّه يعتق واحد من عبيده ؛ لأنّ الإجابة مشترطة مع الدّعاء ، وهي تتردّد فلا يعتق العبد إلّا بدعاء معه إجابة. وكذلك إذا قال لامرأته : «كلّما ناديتك فإن أجبتني فأنت طالق تطليقة» ، فناداها ثلاث مرّات فأجابته مرّة طلقت واحدة.
المسألة الخامسة عشرة : أنشد الكسائيّ : [الطويل]
٧٧٠ ـ فإن ترفقي يا هند فالرّفق أحزم |
|
وإن تخرقي يا هند فالخرق أشأم |
فأنت طلاق والطّلاق عزيمة |
|
ثلاثا ومن يخرق أعقّ وأظلم |
فبيني بها إن كنت غير رفيقة |
|
وما لامرئ بعد الثّلاث تقدّم |
أمّا قوله : أنت طلاق ، ففيه وجهان :
أحدهما : أن يكون مصدرا موضوعا موضع اسم الفاعل كما قيل : رجل عدل أي : عادل ، ورجل صوم أي : صائم ، وفطر وزور ، أي : مفطر وزائر ، كما قال الله عزّ وجلّ : (إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً) [الملك : ٣٠] أي : غائرا. وقد يقع المصدر في موضع اسم المفعول أيضا كما قيل : «رجل رضى أي : مرضيّ». فكأنّه قال : أنت طالق ، فوضع طلاقا موضع طالق اسم الفاعل كما ترى. وهذه المصادر إذا وضعت موضع أسماء الفاعلين والمفعولين فإن شئت تركتها أيضا على لفظ واحد مفرد في الواحد والاثنين والجمع والمؤنّث فتقول : رجل عدل ، ورجلان عدل ، ورجال عدل ، ونسوة عدل ، وإن شئت ثنّيت وجمعت ، فقد قيل : عدول ومقانع ، أنشدنا أبو عبد الله نفطويه قال : أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابيّ : [الطويل]
٧٧١ ـ طمعت بليلى أن تريع وإنّما |
|
تقطّع أعناق الرّجال المطامع |
وبايعت ليلى في خلاء ولم يكن |
|
شهود على ليلى عدول مقانع |
فجمع «عدلا» و «مقنعا» ، فقال : «عدول» ، و «مقانع» ، كما ترى.
والوجه الثاني في قوله : «فأنت طلاق» أن يكون حذف المضاف ، وأقام المضاف إليه مقامه كما قيل : صلّى المسجد ، يراد : صلّى أهل المسجد ، وكما قال الله عزّ
__________________
٧٧٠ ـ مرّ تخريج البيت الثاني في الشاهد رقم (٥٩٩) ، والثلاثة معا بنفس المراجع السابقة.
٧٧١ ـ البيتان في شرح المفصّل (١ / ١٣) ، والأول في اللسان (ريع) ، والثاني لكثير في اللسان (عدل) ، وتاج العروس (عدل) ، وليس في ديوانه ، وللبعيث في لسان العرب (قطع) و (قنع) ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة (ص ٩٤٢) ، وشرح المفصّل (١ / ١٣).