مسألة
فيها : الكلام على نصب «ضبّة» في قول صاحب (المنهاج) «وما ضبّب بذهب أو فضّة ضبّة كبيرة لزينة حرم». تحرير الشيخ الإمام العالم العلّامة كمال الدين أبي بكر بن محمّد السيوطي الشافعي رحمه الله تعالى وغفر له.
بسم الله الرحمن الرحيم
نقلت من خطّ والدي ـ رحمه الله ـ ما صورته : الحمد لله مسألة : عرض الاجتماع ببعض الأشياخ أعزّه الله تعالى ، فذكر لي أنّ بعض أصحابنا الشّافعيّة سأله عن وجه نصب (ضبّة) من قول صاحب (المنهاج) : «وما ضبّب بذهب أو فضّة ضبّة كبيرة لزينة حرم». وقال أعزّه الله :
وأخبرني ـ يعني السائل ـ أنّ الأصحاب اختلفوا في وجه نصب (ضبّة) ، وأنّ بعضهم قال : هو خبر كان محذوفة ، والمعنى : وكان ضبّة ، أو : وإن كان ضبّة. وقال بعضهم : هو مصدر وتقديره : تضبيبا ضبّة. وقال بعضهم : هو آلة. وقال بعضهم : توسّع المصنّف فأطلق الضبّة على المصدر ، وربّما قيل غير ذلك.
وقد ظهر لي ـ على أنّ إطلاق هذا اللّفظ بإزاء هذا المعنى عربيّ ـ أنّ هذه الأقوال كلّها لا تسلّم.
أمّا قول من قال : وكان ضبّة أو وإن كان ضبّة ، فغنيّ عن الجواب لأنّه يلزم منه عود الضمير في كان المقدّرة على (ما) الواقعة على الإناء المضبّب ، فيكون المعنى : وما ضبّب وكان المضبّب ضبّة ، أو : وإن كان المضبّب ضبّة ، ولا يخفى فساده سواء جعلت (كان) تامّة أو ناقصة ، والواو عاطفة ، أو للحال. هذا كلام الشيخ سلّمه الله تعالى وقد اقتضى أمرين :
أحدهما : أنّ اسم كان المقدّرة ضمير.
والثاني : أنّه عائد على (ما) الواقع على المضبّب. وكلّ منهما ليس بلازم.
أمّا الأوّل : فلأنّه يجوز أن يكون اسم كان ظاهرا تقديره : وكانت الضّبّة ضبّة كبيرة ... إلى آخره.
وأمّا الثاني : فلأنّا إذا جعلنا اسم كان ضميرا كان عائدا على الضّبّة المفهومة من قوله : وما ضبّب ، لأنّ مفسّر الضمير يجوز الاستغناء به بمستلزم له كقوله تعالى : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) [البقرة : ١٧٨] فعفي يستلزم عافيا والضمير في إليه عائد عليه ، وكقوله : [الطويل]