(كان) قيدا للقيام باعتبار التحقّق والمآل وكون القيام قيدا ل (كان) باعتبار الظّاهر المتبادر فلا منافاة بينهما.
فإن قلت : إذا كان القيام قيدا ل (كان) فينبغي أن يقيّد بدون ذلك القيد لأنّ القيد لترتيب الفائدة لا لتحصيلها.
قلت : إنّه قيد لازم من حيث إنّ وضع (كان) لإفادة تعلّق الموصوف بالصّفة فلا بدّ منه لفظا أو تقديرا كما في أفعال القلوب.
الحادي عشر : إنّ (كان) إذا كان بمعنى (وجد) يكون من الفعل التامّ ، وإذا كان دالّا على كون زيد قائما يكون من الأفعال الناقصة ، فمعنى الوجود حاصل فيهما ، فما السرّ في جعل أحدهما تامّا دون الآخر؟
والجواب : أنّ التأمّل الصادق في معناهما يطلع على الفرق بينهما فإنّ الأول يدلّ على نسبة الوجود إلى زيد فقط ، فقد تمّ به ، والثاني يدلّ على تعلّق زيد بالقيام فلا يتمّ بزيد وحده فيكون ناقصا وأمّا الفرق بين الوجودين فمعلوم ممّا سبق.
الثاني عشر : أنّ القوم اختلفوا في أنّه فعل أو حرف فهل يرجع إلى النّزاع اللفظيّ أو يمكن الترجيح بالحمل على الصواب؟
الجواب : أنّ النزاع المتبادر من كلامهم يرجع إلى التفسير ، ولكن المختار هو الحرف إن اعتبر القصد الأصليّ في دلالة الفعل على معناه ، وإلّا فهو الفعل بلا شبهة.
«قال شيخنا : ـ نفع الله به ـ» : هذا بعض ما سنح لي في هذا المقام والله أعلم.
أبحاث في قولهم (زيد قائم)
فائدة من مولّدات شيخنا العلّامة الكافيجي (١) أيّده الله تعالى :
قال رضي الله عنه : أمّا بعد فإنّ في مثل : «زيد قائم» أبحاثا :
١ ـ أن سبب أجزاء القضيّة اللغويّة جزءان.
__________________
(١) محمد بن سليمان بن سعد بن مسعود الرومي البرعمي ، العلامة محيي الدين أبو عبد الله الكافيجيّ الحنفي ، كان عالما ، إماما في المعقولات كلها : الكلام ، وأصول اللغة والنحو والصرف والإعراب والمعاني والبيان والجدل والفلسفة ... من تصانيفه : شرح قواعد الإعراب ، وشرح كلمتي الشهادة ، ومختصر في علوم الحديث ، ومختصر في علوم التفسير يسمّى التيسير وغيرها. (ت ٨٧٩ ه). ترجمته في بغية الوعاة (١ / ١١٧).