السؤال التاسع : هلّا قلتم إن «بسرا» و «رطبا» منصوبان على خبر «كان» وتخلّصتم من هذا كلّه؟
والجواب : إنّ «كان» لو أضمرت لأضمر ثلاثة أشياء : الظرف الذي هو «إذا» ، وفعل كان ، ومرفوعها ؛ وهذا لا نظير له إلّا حيث يدلّ عليه الدليل. وإذا منع سيبويه إضمار «كان» وحدها ، فكيف يجوز إضمار «إذ» أو «إذا» معها. وأنت لو قلت : «سآتيك جاء زيد» ، تريد : إذا جاء زيد ، لم يجز بإجماع ؛ فهنا أولى ، لأنّه لا يدرى أ«إذ» تريد أم «إذا». وفي «سآتيك» لا يحتمل إلّا أحدهما. وإذا بعد إضمار الظرف وحده فإضماره مع «كان» أبعد ، ومن قدّره من النّحاة فإنّما أشار إلى شرح المعنى بضرب من التّقريب.
فإن قيل : يدلّ على إضمار «كان» أنّ هذا الكلام لا يذكر إلّا بتفضيل شيء في زمان من أزمانه على نفسه في زمان آخر. ويجوز أن يكون الزمان المفضّل فيه ماضيا ، وأن يكون مستقبلا ، ولا بدّ من إضمار ما يدلّ على المراد منهما ، فيضمر للماضي «إذ» وللمستقبل «إذا» ، و «إذ» و «إذا» يطلبان الفعل ، وأعمّ الأفعال وأشملها فعل الكون ، فتعيّن إضمار «كان» لتصحيح الكلام.
قيل : إنّما يلزم هذا السؤال إذا أضمرنا الظرف ، وأمّا إذا لم نضمره لم يحتج إلى كان ويكون.
وأمّا قولكم : إنّه يفضّل الشيء على نفسه باعتبار زمانين ، و «إذ» و «إذا» للزّمان ، وفجوابه : أنّ في التصريح بالحالين المفضّل أحدهما على الآخر غنية عن ذكر الزّمان ، وتقدير إضماره ؛ ألا ترى أنّك إذا قلت : هذا في حال بسريّته أطيب منه في حال رطبيّته ، استقام الكلام ، ولا «إذ» هنا ، ولا «إذا» لدلالة الحال مقصود المتكلّم من التفضيل باعتبار الوقتين.
السؤال العاشر : هل يشترط اتّحاد المفضّل والمفضّل عليه بالحقيقة؟
والجواب : إنّ وضعهما كذلك ، ولا يجوز أن تقول : هذا بسرا أطيب منه عنبا ؛ لأنّ وضع هذا الباب لتفضيل الشيء على نفسه باعتبارين وفي زمانين ؛ فإن جئت بهذا التركيب وجب الرفع فقلت : هذا بسر أطيب منه عنب ، فيكون جملتين إحداهما : «هذا بسر» ، والثانية : «أطيب منه عنب» ، والمعنى : العنب أطيب منه. ولو قلت : هذا البسر أطيب منه عنب لا تّضحت المسألة وانكشف معناها والله سبحانه وتعالى أعلم.