بسم الله الرّحمن الرّحيم
في المسائل لابن السيد البطليوسي
لفظ الجلالة ليس أصله الإله
حكى أبو القاسم الزجاجي قال : أخبرنا أبو إسحاق بن السّرّي الزّجّاج قال : أخبرني محمد بن يزيد المبرّد قال : سمعت المازني يقول : سألني الرّياشي فقال لي : لم نفيت أن يكون الله تعالى أصله الإله ، ثم خفّف بحذف الهمزة كما يقول أصحابك؟ فقلت له : لو كان مخفّفا منه لكان معناه في حال تخفيف الهمزة كمعناه في حال تحقيقها لا يتغيّر المعنى ، ألا ترى أن اليأس والإياس بمعنى واحد؟ ولمّا كنت أعقل لقولي الله فضل مزيّة على قولي الإله ورأيته قد استعمل لغير الله في قوله : (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً) [طه : ٩٧] وقوله : (أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) [الزخرف : ٥٨] ولمّا لم يستعمل الله إلّا للباري تعالى علمت أنّه علم وليس بمأخوذ من الإله.
الكلام في قولهم (بسم الله الرحمن الرحيم وصلّى الله على سيّدنا محمد)
وفي المسائل أيضا : سألتني قرّر الله لديك الحقّ ومكّنه وجعلك من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه عن قول الكتّاب في صدور كتبهم : بسم الله الرحمن الرحيم وصلّى الله على سيّدنا محمد ، وذكرت أنّ قوما من نحويي زماننا ينكرون عطف الصلاة على البسملة ، وقد كنت أخبرت بذلك قديما ، فحسبت أنّهم إنما يتعلّقون في إنكاره بأنّه أمر لم ترد به سنّة مأثورة ، وأنّه شيء أحدثه الكتّاب حتى أخبرني مخبرون أنّه فاسد عندهم في الإعراب ، وليسوا ينكرونه من أجل أنّه شيء محدث عند الكتّاب ، وأخبروني أنّ الصّواب عندهم إسقاط الواو ، ورأيت ذلك نصّا في رسائل بعضهم ، ورأيت بعضهم يكتب في صدور كتبه : بسم الله الرحمن الرحيم والصّلاة على رسوله الكريم ، وقد تأمّلت الأمر الذي حملهم على إنكاره ، فلم أجد شيئا يمكّن أن يتعلقوا به إلا أمرين :
أحدهما : أنّ المعطوف حكمه أن يكون موافقا للمعطوف عليه ، وهاتان جملتان قد اختلفتا ، فتوهّموا من أجل اختلافهما أنّه لا يصحّ عطف إحداهما على الأخرى.