بالفرق بين المتعدي فحذفت فيه لثقله وبين الّلازم فبقيت لخفته ، وهو ضعيف ، فقد حذفت في اللازم في وكف يكف وونم الذباب ينم وعلّله البصريون بالثقل ، وخصّوا الحذف بالواو دون الكسرة أو الياء لأنّ الياء لا تحذف لدلالتها على معنى ، والكسرة لا يفيد حذفها كبير خفة ، فتعيّن حذف الواو ، فنقض الكوفيون عليهم ذلك بأوعد يوعد فقد ثبتت الواو.
قال ابن مالك : الحذف إذا كانت الياء مفتوحة وهذه مضمومة ، قيل له : أنت عللت الحذف بالخفّة ، والضمة أثقل من الفتحة.
قال ابن النحاس : الصواب أنّ هذه وقعت بين همزة وكسرة وأصله يؤوعد لأنه من أوعد.
القول في وسواس
ومن رؤوس المسائل وتحفة طلاب الوسائل للشيخ محيي الدين النواوي رضي الله عنه وعنّا به.
سئل ابن مالك عن وسواس أهو مصدر مضاف إليه ذو مقدرة أم هو صفة محضة للمبالغة؟ فأجاب : الفعل الموزون بفعلل ضربان : صحيح كدحرج وشرهف (١) وهو الأصل ، والثاني : الثنائي المكرّر كحمحم ودمدم (٢) ، وهو فرع لأنّ الأصل السّلامة من التّكرار ، ولأنّ أكثره يفهم معناه بسقوط ثالثه كثجثج (٣) الماء بمعنى ثجّ ، وكفكف الشيء بمعنى كفّه ، وكبكبه (٤) بمعنى كبّه ، ورضرضه بمعنى رضّه ، وذرذره بمعنى ذرّه ، وذفذف (٥) على الجريح بمعنى ذفّف ، وصرصر (٦) الجندب بمعنى صرّ ، وعجعج (٧) الفحل بمعنى عجّ ، وصمصم (٨) السيف بمعنى صمّ ، ومكمك (٩) الفصيل ما في الضّرع بمعنى امتكّه ، ومطمط الكلام بمعنى مطّه أي : مدّه ، ومخمخ المخ أخرجه. وللنوعين مصدران مطّردان :
__________________
(١) شرهف الرجل : أحسن غداءه.
(٢) المحمحة : صوت البرذون عند الشعير. ودمدم الشيء : ألزقه بالأرض.
(٣) ثجّ الماء نفسه : انصبّ.
(٤) كبّ الشيء : قلبه.
(٥) ذفذف على الجريح : أجهز عليه وأسرع بقتله.
(٦) صرصر : صوّت.
(٧) عجعج الفحل : صوّت.
(٨) صمصم السيف : مضى في العظم.
(٩) مكمك الفصيل الضرع : امتصّ جميع ما فيه.