أحدهما : فعللة ، والآخر : فعلال ، كسرهفة وسرهاف وزلزلة وزلزال ، وفعلال أحقّ بهما لوجهين :
أحدهما : أنّ فعلل مشاكل لأفعل في عدّة الحروف وفتح الأوّل والثالث والرابع وسكون الثاني فجعل إفعال مصدر أفعل ، وفعلال مصدر فعلل ليتشاكل المصدران كما تشاكل الفعلان ، فكان فعلال أحقّ بهما من فعللة.
والثاني : أنّ أصل المصدر أن يباين وزنه وزن فعله ، وفعلال أشدّ مباينة لفعلل في وزنه من فعللة ، فكان أحقّ به منه ، وإن كانا سيّين في الاطّراد مع رجحان فعللة في الاستعمال على فعلال في قولهم : وسوس الشيطان وسواسا ووعوع الكلب وعواعا وعظعظ السّهم في مرّه عظعاظا إذا التوى ، والجاري على القياس وسواس ووسوسة ووعواع ووعوعة وعظعاظ وعظعظة ، والفتح نادر لأنّ الرباعيّ الصحيح أصل للرباعي المكرّر أوّله وثانيه كما مرّ ، ولم يأت مصدر الصحيح مع كونه أصلا إلّا على فعللة وفعلال بالكسر ، فلا ينبغي للرباعي المكرّر لفرعيته أن يكون مصدره إلّا كذلك وهذا يقتضي أن لا يكون له مصدر على فعلال بالفتح وإن ورد حكم بشذوذه ، وأيضا فإنّ فعلالا المفتوح الفاء قد كثر وقوعه صفة مصوغا من فعلل المكرّر ليكون فيه نظير فعّال من الثلاثي كضرّاب لأنهما متشاكلان وزنا فاقتضى هذا أن لا يكون لفعلال المفتوح الفاء في المصدرية نصيب ، كما لم يكن لفعّال فيها نصيب ، فلذلك استندر وقوع وسواس ووعواع وعظعاظ مصادر ، وإنّما حقّها أن تكون صفات دالّة على المبالغة في الوسوسة والوعوعة والعظعظة ، فحق ما وقع منها في موضع محتمل للمصدرية والوصفية أن يحمل على الوصفية تخلّصا من الشذوذ ومخالفة المطّرد الشائع الذائع ، وليس بمحقّ من زعم في شيء من الصفات الواردة على هذا الوزن أنّه مصدر مضاف إليه ذو تقديرا ، ويدلّ على فساد قوله أمران :
أحدهما : أنّ كل مصدر أضيف إليه ذو تقديرا فمجرّده للمصدرية أكثر من استعماله صفة كرضى وصوم وفطر ، وفعلال الموصوف به لم يثبت مجرّده للمصدرية إلّا في وسواس وأخواته ، على أنّ منع مصدريتها ممكن ، وذلك أنّ من سمع منه «وسوس إليه الشيطان وسواسا» بالفتح لا يتعثّن كونه قاصدا للمصدرية ، بل يحتمل أن يقصد الحاليّة ، فإنّ الحال قد يؤكّد بها عاملها الموافق لها لفظا ومعنى ، كقوله تعالى : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) [النساء : ٧٩] وكقوله تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ) [النحل : ١٢] ، فإنما تتعيّن المصدرية في وسواس أن لو سمع مضافا إلى الشيطان معلقا به معمول ، كما سمع