مسألة
نسبة الحال إلى المضاف إليه
قال ابن مالك : نسبة الحال إلى المضاف إليه على أوجه : وجه يجوز إجماعا إذا كان المضاف مصدرا أو صفة عاملة ك : أعجبني قيام زيد مسرعا وإنّ زيدا ضارب عمرو متّكئا ، ووجه يمتنع إجماعا حيث لم يكن المضاف مصدرا ولا صفة ولا بعض ما أضيف إليه ك : ضربت غلام زيد متّكئا ، وثالث : مختلف فيه إذا كان المضاف بعض المضاف إليه أو يشبه بعضه ، كقوله : [الطويل]
٦١٠ ـ كأنّ يدي حربائها متشمّسا |
|
يدا مذنب يستغفر الله تائب |
ومنه قوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً) [الحجر : ٤٧]. وقد صحّ جوازه عن أبي الحسن الأخفش في أمالي ابن الحاجب.
وقال ممليا على قول الشاعر (٢) : [المديد]
غير مأسوف على زمن |
|
ينقضي بالهمّ والحزن |
قال : لا يصحّ أن يكون له عامل لفظي هنا يعمل في غير ، وإذا لم يكن له عامل لفظي فإمّا أن يكون مبتدأ وإمّا أن يكون خبر مبتدأ ، ولا يصحّ أن يكون مبتدأ لأنه لا خبر له ، لأنّ الخبر إمّا أن يكون ثابتا أو محذوفا ، والثابت لا يستقيم لأنّه إمّا على زمن وإمّا ينقضي ، وكلاهما مفسد للمعنى ، وأيضا فإنّك إذا جعلته مبتدأ لم يكن بدّ من أن تقدّر قبله موصوفا ، وإذا قدّر قبله موصوف لم يكن بدّ من أن يكون غير له ، وغير هاهنا ليست له وإنما هي لزمن ، ألا ترى أنّك لو قلت : «رجل غيرك مرّ بي» لكان في غيرك ضمير عائد على رجل؟ ولو قلت : «رجل غير متأسّف على امرأة مرّ بي» لم يستقم لأنّ غيرا هاهنا لمّا جعلته في المعنى للمرأة خرج عن أن يكون صفة لما قبله ، ولو قلت : «رجل غير متأسّف مرّ بي» جاز لأنّها في المعنى للضمير ، والضمير عائد على المبتدأ فاستقام ، فتبيّن أن لا يكون مبتدأ لذلك ، وإن جعل الخبر محذوفا لم يستقم لأمرين :
أحدهما : أنّا قاطعون بنفي الاحتياج إليه ، والآخر : أنّه لا قرينة تشعر به ، ومن شرط صحة حذف الخبر وجود القرينة ، وإن جعل خبر مبتدأ لم يستقم لأمور :
__________________
٦١٠ ـ الشاهد لذي الرمّة في ديوانه (ص ٢٠٣) ، ولسان العرب (شمس).
(١) مرّ الشاهد (٤٨٩).