وَالنُّورُ) [الرعد : ١٦] ، وببيتي علقمة على أنّ «هل» بمعنى «قد» ظنّا منهم أنّ معنى الاستفهام لا يفارق «أم» ، والاستفهام لا يدخل على الاستفهام وجعلوا هذا نظير الاستدلال بقوله (١) : [البسيط]
[سائل فوارس يربوع بشدّتنا] |
|
أهل رأونا بوادي القفّ ذي الأكم |
وممّا يقطع به على قولهم بالبطلان ، أنّها في البيت داخلة على الجملة الاسمية ، و «قد» لا تدخل عليها فإن قيل : لعلّهم يقدّرون ارتفاع «كبير» بفعل محذوف ، على حدّ (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) [التوبة : ٦] فالجواب أنّ ذلك ممتنع بعد «قد» فكذلك ما رادفها.
الوجه الرابع : أنّ الاستفهام الذي تفيده المتّصلة لا يكون إلّا حقيقيا ، والذي تفيده المنقطعة يكون حقيقيا نحو : «إنّها لإبل أم شاء» على أحد الاحتمالين ، وغير حقيقيّ نحو : (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ) [الزخرف : ١٦] ، (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ. أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ. أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ ..) [الطور : ٣٩ ـ ٤١] الآيات.
تقرير آخر في الفرق بين المتصلة والمنقطعة
اعلم أنّ الفرق بين المتّصلة والمنقطعة من أوجه :
أحدها : أنّ ما قبل المتّصلة لا يكون إلّا استفهاما ، وما قبل المنقطعة يكون استفهاما وغيره.
والثاني : أنّ ما بعدها يكون مفردا وجملة ، وما بعد المنقطعة لا يكون إلّا جملة.
والثالث : أنّها تقدّر مع الهمزة قبلها ب (أيّ) ، ومع الجملة بعدها بالمصدر.
والمنقطعة تقدّر وحدها ب (بل) والهمزة.
والرابع : أنّها قد تحتاج لجواب ، وقد لا تحتاج ، والمنقطعة تحتاج للجواب.
والخامس : أنّ المتّصلة إذا احتاجت إلى جواب ، فإنّ جوابها يكون بالتّعيين.
والمنقطعة إنّما تجاب ب (نعم) أو (لا).
والسادس : أنّ المتّصلة عاطفة ، والمنقطعة غير عاطفة. وممّن نصّ على هذا ابن عصفور في مقرّبه ، وفيه خلاف مشهور ، والله تعالى أعلم ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (٢٥٦).