أحدهما : أنّه مبتدأ ، وما بعده خبره ، أو بالعكس على الخلاف الذي شرحناه في رواية الرّفع ، وأنّه معدول عن (مفديّ) وبني على الكسر. وليس هذا القول بشيء ، لأنّه لا وجه لبنائه على هذا التّقدير. ثمّ هو فاسد من حيث المعنى ، إذ كان حقّه أن يقول : إنه معدول عن (فاد) ، لأنّ المفديّ هو المخاطب لا الأقوام.
والثاني : أنّه اسم فعل ومعناه : ليفدك الأقوام ، أي : وبني كما بني (نزال) و (دراك) ، كذا وجّهه أبو جعفر النّحّاس في شرح المعلّقات ، وفيه نظر ، فإنّا لا نعلم اسم فعل على وزن فعال ، بكسر الفاء ، ولا اسم فعل ناب عن فعل مضارع مقرون بلام الأمر.
وحكى الفرّاء أنّه قال : «فدى لك» بفتح الفاء وبالقصر وهذا يحتمل أن يكون في موضع رفع ، وأن يكون في موضع نصب ، وقد مضى توجيههما والله تعالى أعلم.
على أي شيء رفع (وخير منك) في قول جابر رضي الله عنه
«كان يكفي من هو أوفى عنك شعرا وخير منك».
من كلام شيخنا الشيخ جمال الدين هشام رحمه الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
قول جابر رضي الله عنه : «كان يكفي من هو أوفى منك شعرا وخير منك» (١).
الظّاهر أنّ (خير) مرفوع عطفا على (أوفى) المخبر به عن (هو) ، أي : «كان يكفي من هو أوفى وخير» ، كما تقول : أحبّ من هو عالم وعامل. والجملة من المبتدأ والخبر صلة الموصول ، والموصول مفعول (يكفي).
ويقع في النّسخ ، ويجري على ألسنة الطّلبة بنصب خير. وقد ذكر أنّه خرّج على سبعة أوجه :
أحدها : أن يكون عطفا على المفعول ، وهو (من).
الثاني : أن يكون بتقدير (كان) ، مدلولا عليها ب (كان) المذكورة أوّلا ؛ أي : وكان خيرا.
الثالث : على تقدير (يكفي) ، مدلولا عليها ب (يكفي) المذكورة.
الرّابع : على إلغاء (من هو) فيكون (أوفى) مفعولا و (خيرا) معطوفا عليه.
__________________
(١) انظر صحيح مسلم (١ / ١٧٨) ، باختلاف بسيط في اللفظ.