يظهر أنّ قوله : «يا ربّ ... لا يؤمنون» متعلّق ب «قيله» ، «ومن كلامه عليه السّلام». وإذا كان «إنّ هؤلاء ...» جواب القسم كان من إخبار الله تعالى عنهم وكلامه. والضمير في «قيله» للرّسول ؛ وهو المخاطب بقوله : فاصفح عنهم» أي أعرض عنهم وتاركهم وقل سلام (١).
مسألة
الكلام في قوله صلّى الله عليه وسلّم «لا يقتل مسلم بكافر»
لا خلاف في امتناع قتل المسلم بالحربيّ واختلف في قتله بالذمّي واحتجّ من منعه بحديث : «لا يقتل مسلم بكافر» (٢).
وتقديره : أنّ «كافر» نكرة في سياق النّفي فيعمّ الحربيّ وغيره. واختلف المانعون في الجواب.
فطائفة أجابوا عن ذلك مع قطع النّظر عن الزيادة الواردة في الحديث فقالوا : إنّ قوله «بكافر» عامّ أيد به خاصّ. واختلفوا في توجيه ذلك على قولين :
أحدهما : أنّ المعنى : لا يقتل مسلم بكافر قتله في الجاهلية وذلك أنّ قوما من المسلمين كانوا يطالبون بدماء صدرت منهم في الجاهلية ، فلما كان يوم الفتح قال عليه السّلام : «كلّ دم في الجاهلية فهو موضوع تحت قدميّ لا يقتل مسلم بكافر» (٣).
والثاني : أن المراد بالكافر الحربيّ ؛ فإنّ غيره قد اختصّ في الإسلام باسم وهو الذمّي. ولنا أن نمنع الأول : بأنّ العبرة بعموم اللّفظ ، لا بخصوص السبب ؛ والثاني : بأنّ الكافر لغة وعرفا من قام به الكفر حربيّا كان أو ذمّيّا ، لأنّه اسم فاعل من «كفر» ، والأصل عدم التخصيص. ويؤيّده أنّ الوعيد الوارد في التنزيل للكافرين ليس مخصوصا بالذمّي بالاتّفاق.
وطائفة أجابوا عنه بعد ضمّ تلك الزيادة إليه وهي : «... ولا ذو عهد في عهده.» (٤) ، ولهؤلاء أربعة أجوبة :
١ ـ أحدها : ما نقله عنهم الأصوليّون ؛ وتقديره أنّ هذه الزّيادة مفتقرة إلى ما
__________________
(١) انظر المسألة في مغني اللبيب (ص ٦٠٤) ، ومشكل إعراب القرآن (٢ / ٢٨٥) ، وإملاء العكبري (٢ / ١٢٣).
(٢) أخرجه النسائي في سننه (٨ / ٢١) ، وابن ماجه (ص ٨٨٧) ، وأحمد في مسنده (١ / ٧٩).
(٣) أخرجه ابن ماجه في سننه (٢ / ١٠٢٥).
(٤) انظر سنن أبي داود (٤ / ١٨٠) ، ومسند أحمد (٢ / ١٨٠).