أنّه لا يلزم الحنفيّة ؛ فإنّهم لا يقولون بالمفهوم فضلا عن أن يقولوا إنّ له عموما ، ولكن ينتقل البحث معهم إلى أصل المسألة. وقد يقال أيضا : إنّ كون مثل هذا الكلام لا يحتاج إلى تقدير ـ بناء على حمله على التّقديم والتّأخير ـ بعيد ، لأنّ الكلام إذا مضى على وجه كانت فيه أجزاؤه على الظاهر حالّة محلّها لم يجز.
٤ ـ والجواب الرابع : أنّ «ولا ذو عهد» معطوف ، والعطف يقتضي المغايرة ، فوجب أن يحمل الكافر الأول على غير ذي العهد ليتغايرا ؛ قاله بعضهم ، وهذا غريب ، فإنّ ذا العهد معطوف على مسلم لا على كافر ، والعطف إنّما يقتضي المغايرة بين المتعاطفين. ثمّ لو كان المراد بالكافر ذا العهد لكان ذكر ذي العهد ثانيا استعمالا للظاهر في موضع المضمر ، وهو لا يجوز ، أو لم يحسن أن يحمل بعد ذلك على خلاف ذلك ، لأنّ فيه تراجعا ونقضا لما مضى عليه الكلام ، ولهذا قال أبو عليّ ومن وافقه في قوله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) [الطلاق : ٤] إنّ التقدير : فعدّتهنّ ثلاثة أشهر ، وإنّه حذف الخبر من الثاني لدلالة خبر الأول عليه.
وقال بعض الناس : الأولى أن يقدّر الخبر مفردا أي : واللّائي لم يحضن كذلك. لأنّ تقليل المحذوف أولى ولأنّه لو نطق بالخبر لم يحسن أن تعاد الجملة برأسها. فاتّفق الفريقان على أنّ الخبر محذوف. ولم يحملوه على أنّ التقدير : واللّائي يئسن واللّائي لم يحضن فعدّتهنّ ثلاثة أشهر. والذي ظهر أن ذلك ليس إلّا لما ذكرنا. ولهذا أيضا يظهر أنّهم منعوا من التنازع في المتقدّم نحو «زيدا ضربت وأكرمت» ، وفي المتوسّط نحو «ضربت زيدا وأكرمت» ، لأنّ الاسم المتقدّم مستوفيه العامل قبل أن يجيء الثاني فإذا جاء الثاني لم يقدّر طالبا له بعد ما أخذه غيره. وذلك في المتوسّط أوضح ، لأنّ المعمول يلي العامل الأوّل. انتهى ـ هكذا وجدت بخطّه رحمه الله ـ.
مسألة اعتراض الشّرط على الشّرط
للشيخ جمال الدين رحمه الله
هذا فصل نتكلّم فيه بحول الله تعالى وقوّته على مسألة اعتراض الشّرط على الشّرط :
اعلم أنّه يجوز أن يتوارد شرطان على جواب واحد في اللّفظ ، على الأصحّ ؛ وكذا في أكثر من شرطين. وربّما توهّم متوهّم من عبارة النّحاة حيث يقولون :