أنها صفة حقيقية ؛ كصعبة من صعب ، وندبة من ندب ، وفخمة من فخم ، ورطبة من رطب. فلم يكن فيها من قوّة الدلالة على المصدرية ما فى نفس المصدر ؛ نحو الجهومة ، والشهومة ، والطلاقة ، والخلاقة. فالأصول لقوّتها يتصرّف فيها ، والفروع لضعفها يتوقّف بها ، ويقصر عن بعض ما تسوّغه القوّة لأصولها.
فإن قلت : فقد قالوا : رجل عدل ، وامرأة عدلة ، وفرس طوعة القياد ، وقال أميّة ـ أنشدناه ـ :
والحيّة الحتفة الرّقشاء أخرجها |
|
من بيتها آمنات الله والكلم (١) |
قيل : هذا ممّا خرج على صورة الصفة ؛ لأنهم لم يؤثروا أن يبعدوا كلّ البعد عن أصل الوصف الذى بابه أن يقع الفرق فيه بين مذكّره ومؤنّثه ، فجرى هذا فى حفظ الأصول ، والتلفت إليها ، ، (للمباقاة لها) ، والتنبيه عليها ، مجرى إخراج بعض المعتلّ على أصله ؛ نحو استحوذ ، وضننوا ـ وقد تقدّم ذكره ـ ومجرى إعمال صغته وعدته ، وإن كان قد نقل إلى (فعلت) لمّا كان أصله (فعلت). وعلى ذلك أنّث بعضهم فقال : خصمة ، وضيفة ؛ وجمع ، فقال :
يا عين هلا بكيت أربد إذ |
|
قمنا وقام الخصوم فى كبد (٢) |
وعليه قول الآخر :
إذا نزل الأضياف كان عذوّرا |
|
على الحىّ حتى تستقلّ مراجله (٣) |
الأضياف هنا بلفظ القلّة ومعناها أيضا ؛ وليس كقوله :
*وأسيافنا يقطرن من نجدة دما (٤) *
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو لأميّة بن أبى الصلت فى ديوانه ص ٥٧ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٣٨٩ ، ولسان العرب (حتف) ، (عدل).
(٢) البيت من المنسرح ، وهو للبيد فى ديوانه ص ١٦٠ ، وتذكرة النحاة ص ١١٨ ، ولسان العرب (كبد) ، (عدل).
(٣) البيت من الطويل ، وهو لزينب بنت الطثريّة فى لسان العرب (عذر) ، والتنبيه والإيضاح ٢ / ١٦٧ ، وجمهرة اللغة ص ٦٢ ، وتاج العروس (عدر) ، وبلا نسبة فى لسان العرب (ضيف) ، (عدل) ، وأساس البلاغة (عذر) ، ومقاييس اللغة ٤ / ٢٥٦ ، ومجمل اللغة ٣ / ٤٦١.
(٤) عجز بيت من الطويل ، وهو لحسان بن ثابت فى ديوانه ص ١٣١ ، وأسرار العربية ص ٣٥٦