ومن ذلك أن تاء التأنيث فى الواحد لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا ؛ نحو حمزة وطلحة وقائمة ، ولا يكون ساكنا. فإن كانت الألف وحدها من بين سائر الحروف جازت. وذلك نحو قطاة وحصاة وأرطاة وحبنطاة (١). أفلا ترى إلى مساواتهم بين الفتحة والألف ، حتى كأنها هى هى. وهذا يدلّ على أن أضعف الأحرف الثلاثة الألف دون أختيها ؛ لأنها قد خصّت هنا بمساواة الحركة دونها.
ومن ذلك قوله :
ينشب فى المسعل واللهاء |
|
أنشب من مآشر حداء (٢) |
قالوا : أراد : حدادا ؛ فلم يعدد الألف حاجزا بين المثلين ، كما لم يعدد الحركة فى ذلك فى نحو أمليت الكتاب فى أمللت.
ومن ذلك أنهم قد بيّنوا الحرف بالهاء ؛ كما بيّنوا الحركة بها (وذلك) نحو قولهم : وا زيداه ، ووا غلامهماه ، ووا غلامهوه ، ووا غلامهموه ، ووا غلامهيه ، ووانقطاع ظهرهيه. فهذا نحو من قولهم : أعطيتكه ، ومرت بكه ، واغزه ، ولا تدعه. والهاء فى كله لبيان الحركة لا ضمير.
ومن ذلك أنّ أقعد الثلاثة فى المدّ لا يسوغ تحريكه وهو الألف ، فجرت لذلك مجرى الحركة ؛ ألا ترى أن الحركة لا يمكن تحريكها. فهذا وجه أيضا من المضارعة فيها.
وأما شبه الحركة بالحرف (ففى) نحو تسميتك امرأة بهند وجمل. فلك فيهما مذهبان : الصرف وتركه. فإن تحرّك الأوسط ثقل الاسم ، فقلت فى اسم امرأة سمّيتها بقدم بترك الصرف معرفة ألبتّة ؛ أفلا ترى كيف جرت الحركة مجرى الحرف
__________________
(١) يقال امرأة حبنطاة : قصيرة دسمة غليظة البطن.
(٢) الرجز لأبى مقدام الراجز فى سمط اللآلى ص ٨٧٤ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٦٥٩ ، والمخصص ١ / ١٥٧ ، ١١ / ١٣١ ، ١٥ / ١٥٢ ، وله أو لأعرابى فى البادية فى الدرر ٦ / ٢٢٢ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٠٧ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٧٤٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٦٢٨ ، ولسان العرب (حدد) ، (شيش) ، (لها) ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٧ ، وتهذيب اللغة ٦ / ٤٣٠ ، وديوان الأدب ٣ / ٣٨١ ، وتاج العروس (شيش) ، (لها). وقبله :
*يا لك من تمر ومن شيشاء*