ولأبى علىّ ـ رحمهالله ـ مسألتان : طويلة قديمة ، وقصيرة حديثة ، كلتاهما فى الكلام على الحرف المبتدأ أيمكن أن يكون ساكنا أم لا. فقد غنينا بهما أن نتكلّف نحن شيئا من هذا الشرح فى معناهما.
ثم من بعد ذلك أن المتحرّك على ضربين : حرف متحرّك بحركة لازمة ، وحرف متحرّك بحركة غير لازمة. أمّا المتحرّك بحركة لازمة فعلى ضربين أيضا : مبتدأ ، وغير مبتدأ. فالمبتدأ ما دام مبتدأ فهو متحرّك لا محالة ؛ نحو ضاد ضرب ، وميم مهدد. فإن اتصل أوّل الكلمة بشىء غيره فعلى قسمين : أحدهما أن يكون الأوّل معه كالجزء منه ، والآخر أن يكون على أحكام المنفصل عنه.
الأوّل من هذين القسمين أيضا على ضربين : أحدهما أن يقرّ الأوّل (على ما) كان عليه من تحريكه. والآخر أن يخلط فى اللفظ به ، فيسكّن على حدّ التخفيف فى أمثاله من المتصل.
فالحرف الذى ينزل مع ما بعده كالجزء منه فاء العطف ، وواوه ، ولام الابتداء ، وهمزة الاستفهام.
الأوّل من هذين كقولك : وهو الله ، وقولك : فهو ما ترى ، ولهو أفضل من عمرو ، وأهى عندك. فهذا الباقى على تحريكه كأن لا شيء قبله.
والقسم الثانى منهما قولك : وهو الله ، وقولك : (ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) [القصص : ٦١] ولهو أفضل من عمرو ، وقوله :
وقمت للطيف مرتاعا وأرّقنى |
|
فقلت أهى سرت أم عادنى حلم (١) |
ووجه هذا أنّ هذه الأحرف لما كنّ على حرف واحد وضعفن عن انفصالها وكان ما بعدها على حرفين ، الأوّل منهما مضموم أو مكسور أشبهت فى اللفظ ما
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو لزياد بن منقذ فى خزانة الأدب ٥ / ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، والدرر ١ / ١٩٠ ، وشرح التصريح ٢ / ١٤٣ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٣٩٦ ، ١٤٠٢ ، وشرح شواهد الشافية ص ١٩٠ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ١٣٤ ، ومعجم البلدان ١ / ٢٥٦ ، (أمليح) ، والمقاصد النحويّة ١ / ٢٥٩ ، ٤ / ١٣٧ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ١٢٧ ، وأمالى ابن الحاجب ١ / ٤٥٦ ، وأوضح المسالك ٣ / ٣٧٠ ، والدرر ٦ / ٩٧ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٩٨ ، وشرح المفصل ٩ / ١٣٩ ، ولسان العرب (هيا) ، ومغنى اللبيب ١ / ٤١ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٢.