باب فى مراجعة أصل واستئناف فرع
اعلم أن كل حرف غير منقلب احتجت إلى قلبه فإنك حينئذ ترتجل له فرعا ، ولست تراجع به أصلا.
من ذلك الألفات غير المنقلبة الواقعة أطرافا للإلحاق أو للتأنيث أو لغيرهما من الصيغة لا غير.
فالتى للإلحاق كألف أرطى فيمن قال : مأروط (١) ، وحبنطى ، ودلنظى. والتى للتأنيث كألف سكرى ، وغضبى ، وجمادى. والتى للصيغة لا غير كألف ضبغطرى وقبعثرى ، وزبعرى. فمتى احتجت إلى تحريك واحدة من هذه الألفات للتثنية أو الجمع قلبتها ياء ، فقلت : أرطيان وحبنطيان ، وسكريان ، وجماديات ، وحباريات ، وضبغطريان ، وقبعثريان. فهذه الياء فرع مرتجل ، وليست مراجعا بها أصل ؛ ألا ترى أنه ليس واحدة منها منقلبة أصلا لا عن ياء ولا غيرها.
وليست كذلك الألف المنقلبة ؛ كألف مغزى ومدعى ؛ لأن هذه منقلبة عن ياء منقلبة عن واو فى غزوت ودعوت (وأصلهما) مغزو ، ومدعو ، فلمّا وقعت الواو رابعة هكذا قلبت ياء ، فصارت مغزى ومدعى ، ثم قلبت الياء ألفا فصارت مدعى ومغزى ؛ فلمّا احتجت إلى تحريك هذه الألف (راجعت بها الأصل) الأقرب وهو الياء ، فصارتا ياء فى قولك : مغزيان ومدعيان.
وقد يكون الحرف منقلبا فيضطرّ إلى قلبه ، فلا تردّه إلى أصله الذى كان منقلبا عنه. وذلك قولك فى حمراء : حمراوىّ ، وحمراوات (٢). وكذلك صفراوىّ ، وصفراوات. فتقلب الهمزة واوا وإن كانت منقلبة عن ألف التأنيث ؛ كالتى فى نحو بشرى وسكرى. وكذلك أيضا إذا نسبت إلى شقاوة فقلت : شقاوىّ. فهذه الواو فى (شقاوىّ) بدل من همزة مقدرة ، كأنّك لمّا حذفت الهاء فصارت الواو
__________________
(١) يقال : أديم مأروط ؛ أى مدبوغ بورق الأرطى ، وهو شجر.
(٢) أى فى جمع حمراء وصفراء. وحمراء وصفراء وصفان لا يجمعان بالألف والتاء عند جمهور النحويين. فإن كانتا علمين جاز جمعهما هذا الجمع بلا خلاف. (النجار).