من الأثقل إلى ما هو أثقل منه ؛ لأنه كان يلزمهم أن يقولوا : بعت أبوع ، وهو يبوع ، ونحن نبوع ، وأنت ـ أو هى ـ تبوع ، وبوعا وبوعوا وبوعى ، وهما يبوعان ، وهم يبوعون ونحو ذلك. وكذلك لو جاء فعل مما لامه ياء متصرّفا للزم أن يقولوا : رموت ورموت ، وأنا ارموا ، ونحن نرمو ، وأنت ترمو ، وهو يرمو ، وهم يرمون ، وأنتما ترموان ، وهنّ يرمون ونحو ذلك ؛ فيكثر قلب الياء واوا ، وهو أثقل من الياء.
فأما قولهم : لرمو الرجل فإنه لا يصرّف ولا يفارق موضعه هذا ؛ كما لا يتصرف نعم وبئس ، فاحتمل ذلك فيه لجموده عليه وأمنهم تعدّيه إلى غيره.
وكذلك احتمل هيؤ الرجل ولم يعلّ ؛ لأنه لا يتصرّف لمضارعته بالمبالغة فيه باب التعجب ونعم وبئس ؛ ولو صرّف للزم إعلاله وأن يقال : هاء يهوء ، وأهوء وتهوء ، ونهوء وهما يهوءان ، وهم يهوءون ونحو ذلك ؛ فلمّا لم يتصرّف لحق بصحّة الأسماء ؛ فكما صحّ نحو القود والحوكة والصيد والغيب ، كذلك صحّ هيؤ الرجل ـ فاعرفه ـ كما صحّ ما أطوله وما أبيعه ونحو ذلك.
وممّا لا يراجع من الأصول باب افتعل إذا كانت فاؤه صادا أو ضادا أو طاء أو ظاء ؛ فإن تاءه تبدل طاء ؛ نحو اصطبر ، (واضطرب) واطّرد واظطلم. وكذلك إن كانت فاؤه دالا (أو ذالا) أو زايا فإنّ تاءه تبدل دالا. وذلك نحو (قولك) ادّلج وادّكر وازدان. فلا يجوز خروج هذه التاء على أصلها. ولم يأت ذلك فى نثر ولا نظم. فأمّا ما حكاه خلف ـ فيما أخبرنا به أبو علىّ ـ من قول بعضهم : التقطت النوى واشتقطته واضتقطته فقد يجوز أن تكون الضاد بدلا من الشين فى اشتقطته. نعم ، ويجوز أن تكون بدلا من اللام فى التقطته ، فيترك إبدال التاء طاء مع الضاد ؛ ليكون ذلك إيذانا بأنها بدل من اللام أو الشين ، فتصحّ التاء مع الضاد ؛ كما صحّت مع ما الضاد بدل منه. ونظير ذلك قول بعضهم :
يا ربّ أبّاز من العفر صدع |
|
تقبّض الذئب إليه واجتمع (١) |
__________________
(١) الرجز لمنظور الأسدى فى تاج العروس (صدع) ، وبلا نسبة فى لسان العرب (أبز) ، (أرط) ، (صدع) ، والتنبيه والإيضاح ٢ / ٢٣٤ ، وتهذيب اللغة ٢ / ٥ ، ١٣ / ٢٧٠ ، والمخصص ٨ / ٢٤ ، ١٥ / ٨٠ ، وتاج العروس (أبز) ، (قبض) ، (ضجع).