قد جرّبوه فما زادت تجاربهم |
|
أبا قدامة إلا المجد والفنعا (١) |
فقد يجوز أن يكون من هذا. وقد يجوز أن يكون (أبا قدامة) منصوبا ب (زادت) أى فما زادت أبا قدامة تجاربهم إيّاه إلا المجد. والوجه أن ينصب ب (تجاربهم) ؛ لأنه العامل الأقرب ، ولأنه لو أراد إعمال الأوّل لكان حرى أن يعمل الثانى أيضا ، فيقول : فما زادت تجاربهم إيّاه أبا قدامة إلا كذا ؛ كما تقول : (ضربت فأوجعته زيدا) ، وتضعّف (ضربت فأوجعت زيدا) على إعمال الأوّل. وذلك أنك إذا كنت تعمل الأوّل على بعده ، وجب إعمال الثانى أيضا لقربه ؛ لأنه لا يكون الأبعد أقوى حالا من الأقرب.
فإن قلت : أكتفى بمفعول العامل الأوّل من مفعول العامل الثانى ؛ قيل لك : فإذا كنت مكتفيا مختصرا فاكتفاؤك بإعمال الثانى الأقرب أولى من اكتفائك بإعمال الأوّل الأبعد. وليس لك فى هذا ما لك فى الفاعل ، لأنك تقول : لا أضمر على غير تقدّم ذكر إلا مستكرها ، فتعمل الأوّل فتقول (قام وقعدا أخواك). فأمّا المفعول فمنه بدّ ، فلا ينبغى أن تتباعد بالعمل إليه ، وتترك ما هو أقرب إلى المعمول فيه منه.
ومن ذلك (فرس وساع) الذكر والأنثى فيه سواء ، وفرس جواد ، وناقة ضامر ، وجمل ضامر ، وناقة بازل ، وجمل بازل ، وهو لباب قومه ، وهى لباب قومها ، وهم لباب قومهم ؛ قال جرير :
تدرّى فوق متنيها قرونا |
|
على بشر وآنسة لباب (٢) |
وقال ذو الرمة :
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو للأعشى فى ديوانه ص ١٥٩ ، وتذكرة النحاة ص ٤٦٣ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٩٤ ، ولسان العرب (جرب) ، (ضغ) ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ٣٩٤ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٣٥. الفنع : الكرم والعطاء الجزيل.
(٢) البيت من الوافر ، وهو لجرير فى ملحق ديوانه ص ١٠٢١ ، ولسان العرب (لبب) ، وتاج العروس (لبب) ، والمذكر والمؤنث للأنبارى ص ٢٥٤ ، والمخصص ١٧ / ٣٣ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (بشر). ويروى : بسر بدلا من بشر.