باب فى الحكم يقف بين الحكمين
هذا فصل موجود فى العربيّة لفظا ، وقد أعطته مقادا عليه وقياسا. وذلك نحو كسرة ما قبل ياء المتكلم فى نحو غلامى وصاحبى. فهذه الحركة لا إعراب ولا بناء. أمّا كونها غير إعراب فلأن الاسم يكون مرفوعا ومنصوبا وهى فيه ؛ نحو هذا غلامى ورأيت صاحبى ، وليس بين (الكسر وبين) الرفع والنصب فى هذا ونحوه نسبة ولا مقاربة. وأمّا كونها غير بناء فلأن الكلمة معربة متمكّنة ، فليست الحركة إذن فى آخرها ببناء ؛ ألا ترى أن غلامى فى التمكّن واستحقاق الإعراب كغلامك وغلامهم وغلامنا.
فإن قلت : فما الكسرة فى نحو مررت بغلامى ، ونظرت إلى صاحبى ؛ أإعراب هى ، أم من جنس الكسرة فى الرفع والنصب؟
قيل : بل هى من جنس ما قبلها ، وليست إعرابا ؛ ألا تراها ثابتة فى الرفع والنصب. فعلمت بذلك أن هذه الكسرة يكره الحرف عليها ، فيكون فى الحالات ملازما لها. وإنما يستدلّ بالمعلوم على المجهول. فكما لا يشكّ أن هذه الكسرة فى الرفع والنصب ليست بإعراب ، فكذلك يجب أن يحكم عليها فى باب الجرّ ؛ إذ الاسم واحد ، فالحكم عليه إذا فى الحالات واحد. إلا أن لفظ هذه الحركة فى حال الجرّ وإن لم تكن إعرابا لفظها لو كانت إعرابا ؛ كما أن كسرة الصاد فى صنو غير كسرة الصاد فى صنوان حكما ، وإن كانت إياها لفظا. وقد مضى ذلك ، وسنفرد لما يتّصل به بابا.
ومن ذلك ما كانت فيه اللام أو الإضافة ؛ نحو الرجل وغلامك وصاحب الرجل. فهذه الأسماء كلها ، وما كان نحوها لا منصرفة (١) ولا غير منصرفة.
وذلك أنها ليست بمنوّنة فتكون منصرفة ، ولا ممّا يجوز للتنوين حلوله للصرف ، فإذا لم يوجد فيه كان عدمه منه أمارة لكونه غير منصرف ؛ كأحمد وعمر وإبراهيم
__________________
(١) المعروف أن هذه الأمثلة منصرفة ، إذ ليس فيها شبه الفعل. ومنع التنوين لوجود المعاند له ، وآية ذلك أنه إذا زال المعاند عاد الصرف. نجار.