وأمّا حذف المفرد فعلى ثلاثة أضرب : اسم وفعل وحرف :
حذف الاسم على أضرب
قد حذف المبتدأ تارة ؛ نحو هل لك فى كذا (وكذا) ؛ أى هل لك فيه حاجة أو أرب. وكذلك قوله ـ عزوجل ـ : (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ) [الأحقاف : ٣٥] أى ذلك ، أو هذا بلاغ. وهو كثير.
وقد حذف الخبر ، نحو قولهم فى جواب من عندك : زيد ؛ أى زيد عندى.
وكذا قوله تعالى : (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) [محمد : ٢١] إن شئت كان على : طاعة وقول معروف أمثل من غيرهما ، وإن شئت كان على : أمرنا طاعة وقول معروف.
وعليه قوله :
فقالت : على اسم الله أمرك طاعة |
|
وإن كنت قد كلّفت ما لم أعوّد (١) |
وقد حذف المضاف ، وذلك كثير واسع ، وإن كان أبو الحسن لا يرى القياس عليه ؛ نحو قول الله سبحانه : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى) [البقرة : ١٧٧] أى برّ من اتّقى.
وإن شئت كان تقديره : ولكنّ ذا البرّ من اتقى. والأوّل أجود ؛ لأنّ حذف المضاف ضرب من الاتساع ، والخبر أولى بذلك من المبتدأ ؛ لأن الاتساع بالإعجاز أولى منه بالصدور. ومنه قوله ـ عزّ اسمه ـ : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] أى أهلها.
وقد حذف المضاف مكررا ؛ نحو قوله تعالى : (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) [طه : ٩٦] أى من تراب أثر حافر فرس الرسول. ومثله مسئلة الكتاب : أنت منى فرسخان ؛ أى ذو مسافة فرسخين. وكذلك قوله ـ جلّ اسمه ـ : (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) [الأحزاب : ١٩] أى كدوران عين الذى يغشى عليه من الموت.
وقد حذف المضاف إليه ؛ نحو قوله تعالى : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) [الروم : ٤] أى من قبل ذلك ومن بعده. وقولهم : ابدأ بهذا أوّل ؛ أى أول ما تفعل.
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لعمر بن أبى ربيعة فى ملحق ديوانه ص ٤٩٠ ، والأغانى ١ / ١٨٥ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٨١ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٣٢١ ، ٢ / ٩٢٨ ، وبلا نسبة فى تذكرة النحاة ص ٦٠١.