أى : أو حين أقبل. وحكى الكسائىّ : أفوق تنام أم أسفل ؛ حذف المضاف ولم يبن. وسمع أيضا : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)(١) [الروم : ٤] ؛ فحذف ولم يبن.
وقد حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه ؛ وأكثر ذلك فى الشعر. وإنما كانت كثرته فيه دون النثر من حيث كان القياس يكاد يحظره. وذلك أن الصفة فى الكلام على ضربين : إما (للتخليص والتخصيص) ، وإمّا للمدح والثناء. وكلاهما من مقامات الإسهاب والإطناب ، لا من مظانّ الإيجاز والاختصار. وإذا كان كذلك لم يلق الحذف به ولا تخفيف اللفظ منه. هذا مع ما ينضاف إلى ذلك من الإلباس وضدّ البيان. ألا ترى أنك إذا قلت : مررت بطويل ؛ لم يستبن من ظاهر هذا اللفظ أن المرور به إنسان دون رمح أو ثوب أو نحو ذلك. وإذا كان كذلك كان حذف الموصوف إنما هو متى قام الدليل عليه أو شهدت الحال به. وكلّما استبهم الموصوف كان حذفه غير لائق بالحديث.
ومما يؤكّد عندك ضعف حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه أنك تجد من الصفات ما لا يمكن حذف موصوفه. وذلك أن تكون الصفة جملة ؛ نحو مررت برجل قام أخوه ، ولقيت غلاما وجهه حسن. ألا تراك لو قلت : مررت بقام أخوه ، أو لقيت وجهه حسن لم يحسن.
فأمّا قوله :
والله ما زيد بنام صاحبه |
|
ولا مخالط الليان جانبه (٢) |
فقد قيل فيه : إن (نام صاحبه) علم اسم لرجل ، وإذا كان كذلك جرى مجرى قوله:
__________________
(١) يريد أنّ هذا سمع عن بعض العرب ؛ ولم ترد به قراءة. وإنما الوارد فى القراءة غير الضم الكسر مع التنوين ، وهى قراءة الجحدرى والعقيلى. البحر المحيط.
(٢) الرجز للقنانى فى شرح أبيات سيبويه ٢ / ٤١٦ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٩٩ ، ١٠٠ ، والإنصاف ١ / ١١٢ ، وخزانة الأدب ٩ / ٢٨٨ ، ٣٨٩ ، والدرر ١ / ٧٦ ، ٦ / ٢٤ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٧١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٤٩ ، وشرح المفصل ٣ / ٦٢ ، وشرح قطر الندى ص ٢٩ ، ولسان العرب (نوم) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣ ، وهمع الهوامع ١ / ٦ ، ٢ / ١٢٠ ، ويروى : (تالله) مكان (والله). الليان ـ بكسر اللام الملاينة ، وبفتحها اللين والدعة.