باب فى ورود الوفاق مع وجود الخلاف
هذا الباب ينفصل من الذى قبله بأن ذلك تبع فيه اللفظ ما ليس وفقا له ؛ نحو رجل نسّابة ، وامرأة عدل. وهذا الباب الذى نحن فيه ليس بلفظ تبع لفظا ، بل هو قائم برأسه. وذلك قولهم : غاض الماء ، وغضته ؛ سوّوا فيه بين المتعدّى وغير المعدّى. ومثله جبرت يده ، وجبرتها ، وعمر المنزل ، وعمرته ، وسار الدابّة ، وسرته ، ودان الرجل ودنته ، من الدين فى معنى أدنته ـ وعليه جاء (مديون) فى لغة التميميّين ـ ، وهلك الشىء وهلكته ؛ قال العجّاج :
*ومهمه هالك من تعرّجا (١) *
فيه قولان : أحدهما أن (هالكا) بمعنى مهلك ، أى مهلك من تعرّج فيه.
والآخر : ومهمه هالك المتعرّجين فيه ؛ كقولك : هذا رجل حسن الوجه ، فوضع (من) موضع الألف واللام. ومثله هبط الشىء وهبطته ؛ قال :
ما راعنى إلا جناح هابطا |
|
على البيوت قوطه العلابطا (٢) |
أى مهبطا قوطه. وقد يجوز أن يكون أراد : هابطا بقوطه ، فلمّا حذف حرف الجرّ نصب بالفعل ضرورة. والأوّل أقوى.
فأمّا قول الله سبحانه (وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) [البقرة : ٧٤] فأجود القولين فيه أن يكون معناه : وإن منها لما يهبط من نظر إليه لخشية الله. وذلك أن
__________________
(١) الرجز للعجاج فى ديوانه ٢ / ٤٣ ، ٤٥ ، ولسان العرب (هلك) ، وجمهرة اللغة ص ٩٨٣ ، وديوان الأدب ٢ / ١٧٨ ، وكتاب العين ٣ / ٣٧٨ ، وتاج العروس (هلك) ، وبلا نسبة فى تهذيب اللغة ٦ / ١٥ ، والمخصص ٦ / ١٢٧. وبعده :
*هائلة أهواله من أدلجا*
(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (جنح) ، (قوط) ، (لعط) ، (هبط) ، والأشباه والنظائر ٢ / ٣٩٨ ، والمنصف ١ / ٢٧ ، ونوادر أبى زيد ص ١٧٣ ، وتهذيب اللغة ٢ / ١٦٥ ، وتاج العروس (جنح) ، (علبط) ، (قوط) ، (لعط) ، وجمهرة اللغة ص ٣٦٣ ، ٤٠٣ ، ٩٢٥ ، ١١٢٦ ، ١٢٦٢. جناح : اسم راع. والقوط : القطيع من الغنم. والعلابط : القطيع أيضا وأقله خمسون. اللسان (قوط).