وقد حذف المفعول به ؛ نحو قول الله تعالى : (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) [النمل : ٢٣] أى أوتيت منه شيئا. وعليه قول الله سبحانه : (فَغَشَّاها ما غَشَّى) [النجم : ٥٤] أى غشّاها إياه. فحذف المفعولين جميعا. وقال الحطيئة :
منعّمة تصون إليك منها |
|
كصونك من رداء شرعبىّ (١) |
أى تصون الحديث منها. وله نظائر.
وقد حذف الظرف ؛ نحو قوله :
فإن متّ فانعينى بما أنا أهله |
|
وشقّى علىّ الجيب يا ابنة معبد (٢) |
أى إن متّ قبلك ، هذا يريد لا محالة. ألا ترى أنه لا يجوز أن يشرط الإنسان موته ؛ لأنه يعلم أنه (مائت) لا محالة. وعليه قول الآخر :
أهيم بدعد ما حييت فإن أمت |
|
أوكّل بدعد من يهيم بها بعدى |
أى فإن أمت قبلها ، لا بدّ أن يريد هذا. وعلى هذا قول الله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة : ١٨٥] أى من شهد الشهر منكم صحيحا بالغا فى مصر فليصمه. وكان أبو على ـ رحمهالله ـ يرى أن نصب الشهر هنا إنما هو على الظرف ، ويذهب إلى أن المفعول محذوف ؛ أى فمن شهد منكم المصر فى هذا الشهر فليصمه. وكيف تصرّفت الحال فلا بدّ من حذف.
وقد حذف المعطوف تارة ، والمعطوف عليه أخرى. روينا عن أحمد بن يحيى أنهم يقولون : راكب الناقة طليحان ؛ أى راكب الناقة والناقة طليحان. وقد مضى ذكر هذا. وتقول : الذى ضربت وزيدا جعفر ، تريد الذى ضربته وزيدا ، فتحذف المفعول من الصلة.
وقد حذف المستثنى ، نحو قولهم : جاءنى زيد ليس إلا ، وليس غير ؛ أى ليس
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو للحطيئة فى ديوانه ص ١٣٨ ، والمحتسب ١ / ١٢٥ ، ٢٤٥ ، ٣٣٣ ، وبلا نسبة فى المقرب ١ / ١١٤. الشرعبىّ : ضرب من البرود.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لطرفة بن العبد فى ديوانه ص ٣٩ ، ولسان العرب (قوم. ويروى :(إذا) مكان (فإن).