وممّا يصحّ ويجوز تقديمه خبر المبتدأ على المبتدأ ؛ نحو قائم أخوك ، وفى الدار صاحبك. وكذلك خبر كان وأخواتها على أسمائها ، وعليها أنفسها. وكذلك خبر ليس ؛ نحو زيدا ليس أخوك ، ومنطلقين ليس أخواك. وامتناع أبى العباس من ذلك خلاف للفريقين : (البصريين والكوفيّين) ، وترك لموجب القياس عند النظّار والمتكلّمين ؛ وقد ذكرنا ذلك فى غير مكان.
ويجوز تقديم المفعول له على الفعل الناصبة ؛ نحو قولك : طمعا فى برّك زرتك ، ورغبة فى صلتك قصدتك.
ولا يجوز تقديم المفعول معه على الفعل ؛ نحو قولك : والطيالسة جاء البرد ؛ من حيث كانت صورة هذه الواو صورة العاطفة ؛ ألا تراك لا تستعملها إلا فى الموضع الذى لو شئت لاستعملت العاطفة فيه ؛ نحو جاء البرد والطيالسة. ولو شئت لرفعت الطيالسة عطفا على البرد. وكذلك لو تركت والأسد لأكلك ، يجوز أن ترفع الأسد عطفا على التاء. ولهذا لم يجز أبو الحسن جئتك وطلوع الشمس أى مع طلوع الشمس ؛ لأنك لو أردت أن تعطف بها هنا فتقول : أتيتك وطلوع الشمس لم يجز ؛ لأن طلوع الشمس لا يصح إتيانه لك. فلمّا ساوقت حرف العطف قبح والطيالسة جاء البرد ؛ كما قبح وزيد قام عمرو ؛ لكنه يجوز (١) جاء والطيالسة البرد ؛ كما تقول : ضربت وزيدا عمرا ؛ قال :
جمعت وفحشا غيبة ونميمة |
|
ثلاث خصال لست عنها بمرعو (٢) |
ومما يقبح تقديمه الاسم المميز ، وإن كان الناصبة فعلا متصرّفا. فلا نجيز شحما تفقّأت ، ولا عرقا تصبّبت. فأمّا ما أنشده أبو عثمان وتلاه فيه أبو العباس من قول المخبّل :
__________________
(١) هذا رأى ابن جنى. وجمهور النحاة يمنعون هذا أيضا. راجع الأشمونى فى بحث المفعول معه.
(٢) البيت من الطويل ، وهو ليزيد بن الحكم فى خزانة الأدب ٣ / ١٣٠ ، ١٣٤ ، والدرر ٣ / ١٥٦ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٩٧ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٣٧ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٨٦ ، ٢٦٢ ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ٩ / ١٤١ ، وشرح الأشمونى ١ / ٢٢٤ ، وشرح التصريح ١ / ٣٤٤ ، ٢ / ١٣٧ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٢٠.