أتهجر ليلى للفراق حبيبها |
|
وما كان نفسا بالفراق يطيب (١) |
فتقابله برواية الزّجاجىّ وإسماعيل بن نصر وأبى إسحاق أيضا :
*وما كان نفسى بالفراق تطيب*
فرواية برواية ، والقياس من بعد حاكم. وذلك أن هذا المميز هو الفاعل فى المعنى ؛ ألا ترى أن أصل الكلام تصبّب عرقى ، وتفقّأ شحمى ، ثم نقل الفعل ، فصار فى اللفظ لى ، فخرج الفاعل فى الأصل مميّزا ، فكما لا يجوز تقديم الفاعل على الفعل ، فكذلك لا يجوز تقديم المميز ؛ إذ كان هو الفاعل فى المعنى على الفعل.
فإن قلت : فقد تقدّم الحال على العامل فيها ، وإن كانت الحال هى صاحبة الحال فى المعنى ؛ نحو قولك : راكبا جئت ، و (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) [القمر : ٧].
قيل : الفرق أن الحال (لم تكن) فى الأصل هى الفاعلة ؛ كما كان المميز كذلك ؛ ألا ترى أنه ليس التقدير والأصل : جاء راكبى ؛ كما أن أصل طبت به نفسا طابت به نفسى ، وإنما الحال مفعول فيها ، كالظرف ، ولم تكن قطّ فاعلة فنقل الفعل عنها. فأمّا كونها هى الفاعل فى المعنى فككون خبر كان هو اسمها الجارى مجرى الفاعل فى المعنى (وأنت) تقدّمه على (كان) فتقول : قائما كان زيد ، ولا تجيز تقديم اسمها عليها. فهذا فرق.
وكما لا يجوز تقديم الفاعل على الفعل فكذلك لا يجوز تقديم ما أقيم مقام الفاعل ؛ كضرب زيد.
وبعد فليس فى الدنيا مرفوع يجوز تقديمه على رافعه. فأمّا خبر المبتدأ فلم
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للخبل السعدى فى ديوانه ص ٢٩٠ ، ولسان العرب (حبب) ، وللمخبّل السّعدى ، أو لأعشى همدان ، أو لقيس بن الملوّح فى الدرر ٤ / ٣٦ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٢٣٥ ، وللمخبل السعدى أو لقيس بن معاذ فى شرح شواهد الإيضاح ص ١٨٨ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ١٩٧ ، والإنصاف ص ٨٢٨ ، وشرح الأشمونى ١ / ٢٦٦ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٣٣٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٤٨ ، وشرح المفصل ٢ / ٧٤ ، والمقتضب ٣ / ٣٦ ، ٣٧ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٥٢. ويروى : (تطيب) مكان (يطيب).