يتقدّم عندنا على رافعه ؛ لأن رافعه ليس المبتدأ وحده ، إنما الرافع له (المبتدأ والابتداء) جميعا ، فلم يتقدّم الخبر عليهما معا ، وإنما تقدّم على أحدهما وهو المبتدأ. فهذا (لا ينتقض). لكنه على قول أبى الحسن مرفوع بالمتبدإ وحده ، ولو كان كذلك لم يجز تقديمه على المبتدأ.
ولا يجوز تقديم الصلة ولا شيء منها على الموصول ، ولا الصفة على الموصوف ، ولا المبدل على المبدل منه ، ولا عطف البيان على المعطوف عليه ، ولا العطف الذى هو نسق على المعطوف عليه ، إلا فى الواو وحدها ، وعلى قلّته أيضا ؛ نحو قام وعمرو زيد. وأسهل منه ضربت وعمرا زيدا ؛ لأن الفعل فى هذا قد استقلّ بفاعله ، وفى قولك : قام وعمرو زيد ؛ اتسعت فى الكلام قبل الاستقلال والتمام. فأما قوله :
ألا يا نخلة من ذات عرق |
|
عليك ورحمة الله السلام (١) |
فحملته الجماعة على هذا ، حتى كأنه عندها : عليك السلام ورحمة الله. وهذا وجه ؛ إلا أن عندى فيه وجها لا تقديم فيه ولا تأخير من قبل العطف. وهو أن يكون (رحمة الله) معطوفا على الضمير فى (عليك). وذلك أن (السلام) مرفوع بالابتداء ، وخبره مقدّم عليه ، وهو (عليك) ففيه إذا ضمير منه مرفوع بالظرف ، فإذا عطفت (رحمة الله) عليه ذهب عنك مكروه التقديم. لكن فيه العطف على المضمر المرفوع المتّصل من غير توكيد له ، وهذا أسهل عندى من تقديم المعطوف على المعطوف عليه. وقد جاء فى الشعر قوله :
قلت إذ أقبلت وزهر تهادى |
|
كنعاج الملا تعسّفن رملا (٢) |
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو للأحوص فى ديوانه ص ١٩٠ (الهامش) ، وخزانة الأدب ٢ / ١٩٢ ، ٣ / ١٣١ ، والدرر ٣ / ١٩ ، ١٥٥ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٧٧ ، ولسان العرب (شيع) ، ومجالس ثعلب ص ٢٣٩ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٢٧ ، وبلا نسبة فى الخصائص ٢ / ٣٨٦ ، والدرر ٦ / ٧٩ ، ١٥٦ ، وشرح التصريح ١ / ٣٤٤ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٨٠٥ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٣٥٦ ، ٦٥٩ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٣ ، ٢٢٠ ، ٢ / ١٣٠ ، ١٤٠.
(٢) البيت من الخفيف ، وهو لعمر بن أبى ربيعة فى ملحق ديوانه ص ٤٩٨ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٠١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٥٨ ، وشرح المفصل ٣ / ٧٦ ، واللمع ص ١٨٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ١٦١ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٧٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٢٩ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٠١ ، والكتاب ٢ / ٣٧٩.