وذهب بعضهم فى قول الله تعالى : (فَاسْتَوى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) [النجم : ٦ ، ٧] إلى أنّ (هو) معطوف على الضمير فى (استوى).
ومما يضعف تقديم المعطوف على المعطوف عليه من جهة القياس أنك إذا قلت : قام وزيد عمرو فقد جمعت أمام زيد بين عاملين : أحدهما (قام) ، والآخر الواو ؛ ألا تراها قائمة مقام العامل قبلها ، وإذا صرت إلى ذلك صرت كأنك قد أعملت فيه عاملين ، وليس هذا (كإعمال) الأول أو الثانى فى نحو قام وقعد زيد ؛ لأنك فى هذا مخيّر : إن شئت أعملت الأوّل ، وإن شئت أعملت الآخر. وليس ذلك فى نحو قام زيد وعمرو ؛ لأنك لا ترفع عمرا فى هذا إلا بالأوّل.
فإن قلت : فقد تقول فى الفعلين جميعا بإعمال أحدهما ألبتّة ؛ كقوله :
*كفانى ولم أطلب قليل من المال (١) *
قيل : لم يجب هذا فى هذا البيت لشيء يرجع إلى العمل اللفظىّ ، وإنما هو شيء راجع إلى المعنى ، وليس كذلك قام وزيد عمرو ؛ لأن هذا كذا حاله ومعناه واحد ، تقدّم أو تأخّر. فقد عرفت ما فى هذا الحديث.
ولا يجوز تقديم المضاف إليه على المضاف ، ولا شيء مما اتصل به.
ولا يجوز تقديم الجواب على المجاب ، شرطا كان أو قسما أو غيرهما ؛ ألا تراك لا تقول : أقم إن تقم. فأمّا قولك أقوم إن قمت فإن قولك : أقوم ليس جوابا للشرط ، ولكنه دالّ على الجواب ، أى إن قمت قمت ، ودلّت أقوم على قمت.
ومثله أنت ظالم إن فعلت ؛ أى إن فعلت ظلمت ، فحذفت (ظلمت) ودلّ قولك:
(أنت ظالم) عليه.
__________________
(١) عجز البيت من الطويل ، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص ٣٩ ، والإنصاف ١ / ٨٤ ، وتذكرة النحاة ص ٣٣٩ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٢٧ ، ٤٦٢ ، والدرر ٥ / ٣٢٢ ، وشرح شذور الذهب ص ٢٩٦ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٣٤٢ ، ٢ / ٦٤٢ ، وشرح قطر الندى ص ١٩٩ ، والكتاب ١ / ٧٩ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٥ ، وهمع الهوامع ٢ / ١١٠ ، وتاج العروس (لو) ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١ / ٢٠١ ، ٣ / ٦٠٢ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٨٠ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٥٦ ، والمقتضب ٤ / ٧٦ ، والمقرب ١ / ١٦١. وصدره :
*فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة*