تجيز الفصل بين كأنّ واسمها بمفعول فاعلها أجدر.
نعم ، وأغلظ من ذا أنه قدّم خبر كأنّ عليها وهو قوله : خطّ. فهذا ونحوه ممّا لا يجوز لأحد قياس عليه. غير أن فيه ما قدّمنا ذكره من سموّ الشاعر وتغطرفه ، وبأوه ، وتعجرفه (١). فاعرفه واجتنبه.
ومن ذلك بيت الكتاب :
وما مثله فى الناس إلا مملّكا |
|
أبو أمّه حىّ أبوه يقاربه |
وحديث ما فيه معروف ، فلندعه ولنعدّ عنه.
وأما قول الفرزدق :
إلى ملك ما أمّه من محارب |
|
أبوه ولا كانت كليب تصاهره (٢) |
فإنه مستقيم ولا خبط فيه. وذلك أنه أراد : إلى ملك أبوه ما أمّه من محارب ، أى ما أم أبيه من محارب ، فقدّم خبر الأب عليه ، وهو جملة ؛ كقولك : قام أخوها هند ، ومررت بغلامهما أخواك.
وتقول على هذا : فضّته محرقة سرجها فرسك ؛ تريد : فرسك سرجها فضّته محرقة ، ثم تقدّم الخبر على صورته ، فيصير تقديره : سرجها فضّته محرقة فرسك ، ثم تقدّم خبر السرج أيضا عليه فتقول : فضّته محرقة سرجها فرسك. فإن زدت على هذا شيئا قلت : أكثرها محرق فضّته سرجها فرسك ، أردت : فرسك سرجها فضّته أكثرها محرق ، فقدّمت الجملة التى هى خبر عن الفضّة عليها ، ونقلت الجمل عن مواضعها شيئا فشيئا. وطريق تجاوز هذا والزيادة فى الأسماء والعوائد واضحة. وفى الذى مضى منه كاف بإذن الله.
فأما قوله :
__________________
(١) التغطرف : التكبر. والبأو : الفخر. والتعجرف : الإقدام فى هوج وعدم المبالاة.
(٢) البيت من الطويل ، وهو للفرزدق فى ديوانه ١ / ٢٥٠ ، والدرر ٢ / ٧٠ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٣٥٧ ، ومعاهد التنصيص ١ / ٤٤ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٥٥ ، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ١٨ ، وشرح ابن عقيل ص ١١٨ ، ومغنى اللبيب ١ / ١١٦ ، وهمع الهوامع ١ / ١١٨.