معاوى لم ترع الأمانة فارعها |
|
وكن حافظا لله والدين شاكر (١) |
فإن (شاكر) هذه قبيلة. أراد : لم ترع الأمانة شاكر فارعها ، وكن حافظا لله والدين. فهذا شيء من الاعتراض. وقد قدّمنا ذكره ، وعلّة حسنه ، ووجه جوازه.
وأما قوله :
يوما تراها كمثل أردية العص |
|
ب ويوما أديمها نغلا (٢) |
فإنه أراد : تراها يوما كمثل أردية العصب ، وأديمها يوما آخر نغلا. ففصل بالظرف بين حرف العطف والمعطوف به على المنصوب من قبله ، وهو (ها) من تراها. وهذا أسهل من قراءة من قرأ : (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ)(٣) [هود : ٧١] إذا جعلت (يعقوب) فى موضع جرّ ، وعليه تلقّاه القوم من أنه مجرور الموضع. وإنما كانت الآية أصعب مأخذا من قبل أن حرف العطف منها الذى هو الواو ناب عن الجارّ الذى هو الباء فى قوله (بإسحاق) ، وأقوى أحوال حرف العطف أن يكون فى قوّة العامل قبله ، وأن يلى من العمل ما كان الأوّل يليه ، والجارّ لا يجوز فصله من مجروره ، وهو فى الآية قد فصل بين الواو ويعقوب بقوله (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ). والفصل بين الجارّ ومجروره لا يجوز ، وهو أقبح منه بين المضاف والمضاف إليه. وربما فرد الحرف منه فجاء منفورا عنه ؛ قال :
لو كنت فى خلقاء أو رأس شاهق |
|
وليس إلى منها النزول سبيل (٤) |
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى لسان العرب (شكر) ، ويروى : (حافظا) مكان (شاكرا).
(٢) البيت من المنسرح ، وهو للأعشى فى ديوانه ص ٢٨٣ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٢٤ ، ولسان العرب (خمس) ، (نغل) ، (أدم) ، وتاج العروس (خمس) ، (نغل) ، (أدم) ، وبلا نسبة فى شرح عمدة الحافظ ص ٦٣٦.
(٣) وقراءة فتح باء يعقوب قراءة حفص. عن عاصم وابن عامر وحمزة وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائى بالرفع وروى أبو بكر عن عاصم بالرفع. السبعة لابن مجاهد ص ٣٣٨.
(٤) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى رصف المبانى ص ٢٥٥ ، والمقرب ١ / ١٩٧ ، ويروى :
مخلفة لا يستطاع ارتقاؤها |
|
وليس إلى منها الزوال سبيل |
خلقاء : أى ملساء والموصوف محذوف وهو صخرة.