وطاخ الرجل وطخته ، أى لطخته بالقبيح ـ فى معنى أطخته ، ووفر الشىء ووفرته. وقال الأصمعىّ : رفع البعير ورفعته ـ فى السير المرفوع ـ وقالوا : نفى الشىء ونفيته ، أى أبعدته ؛ قال القطامىّ :
*فأصبح جاراكم قتيلا ونافيا (١) *
ونحوه نكرت البئر ونكرتها أى أقللت ماءها ، ونزفت ونزفتها.
فهذا كلّه شاذّ عن القياس وإن كان مطّردا فى الاستعمال ؛ إلا أن له عندى وجها لأجله جاز. وهو أن كل فاعل غير القديم سبحانه فإنما الفعل منه شيء أعيره وأعطيه وأقدر عليه ، فهو وإن كان فاعلا فإنه لما كان معانا مقدرا صار كأنّ فعله لغيره ؛ ألا ترى إلى قوله سبحانه (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [الأنفال : ١٧] نعم ، وقد قال بعض الناس : إن الفعل لله وإن العبد مكتسبه ، وإن كان هذا خطأ عندنا فإنه قول لقوم. فلمّا كان قولهم : غاض الماء أن غيره أغاضه وإن جرى لفظ الفعل له ، تجاوزت العرب ذلك إلى أن أظهرت هناك فعلا بلفظ الأوّل متعدّيا ؛ لأنه قد كان فاعله فى وقت فعله إياه إنما هو مشاء (٢) إليه ، أو معان عليه. فخرج اللفظان لما ذكرنا خروجا واحدا. فاعرفه.
* * *
__________________
(١) صدر البيت من الطويل ، وهو للقطامى فى لسان العرب (نفى) ، وتهذيب اللغة ١٥ / ٤٧٦ ، وتاج العروس (نفى) ، وليس فى ديوانه وللأخطل فى ديوانه ص ٣١٥ ، وبلا نسبة فى ديوان الأدب ٤ / ٨٦. وعجز البيت :
*أصمّ فزادوا فى مسامعه وقرا*
(٢) مشاء إليه : هو وصف من أشاءه إلى الشىء : ألجأه إليه ، وهو لغة فى أجاءه ، وتنسب إلى تميم. انظر القاموس (شيأ).