أى زجّ أبى مزادة القلوص. ففصل بينهما بالمفعول به. هذا مع قدرته على أن يقول:زجّ القلوص أبو مزادة ، كقولك : سرّنى أكل الخبز زيد. وفى هذا البيت عندى دليل على قوّة إضافة المصدر إلى الفاعل عندهم ، وأنه فى نفوسهم أقوى من إضافته إلى المفعول ؛ ألا تراه ارتكب هاهنا الضرورة ، مع تمكّنه من ترك ارتكابها ، لا لشيء غير الرغبة فى إضافة المصدر إلى الفاعل دون المفعول.
فأمّا قوله :
يطفن بحوزىّ المراتع لم يرع |
|
بواديه من قرع القسىّ الكنائن (١) |
فلم نجد فيه بدّا من الفصل ؛ لأن القوافى مجرورة. ومن ذلك قراءة (ابن عامر) : (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) [الأنعام : ١٣٧] وهذا فى النثر وحال السعة صعب جدا ، لا سيّما والمفصول به مفعول لا ظرف.
ومنه بيت الأعشى :
إلا بداهة أو علا |
|
له قارح نهد الجزاره (٢) |
ومذهب سيبويه فيه الفصل بين (بداهة) و (قارح) ؛ وهذا أمثل عندنا من مذهب غيره فيه ؛ لما قدّمنا فى غير هذا الموضع. وحكى الفرّاء عنهم : برئت إليك
__________________
وشرح المفصل ٣ / ١٨٩ ، والكتاب ١ / ١٧٦ ، ومجالس ثعلب ص ١٥٢ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٦٨ ، والمقرب ١ / ٥٤. يقال : زجه : طعنه بالزّج وهو سنان الرمح. والمزجة رمح قصير. والقلوص : الناقة الفتية.
(١) البيت من الطويل ، وهو للطرماح فى ديوانه ص ٤٨٦ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٩٤ ، ولسان العرب (حوز) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٦٢ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٤٢٩ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤١٨ ، ويروى : (ترع) مكان (يرع). الحوزىّ المتوحد : وهو الفحل منها ، وهو من حزت الشىء إذا جمعته أو نحيته. اللسان (حوز) لم يرع : لم يفزع.
(٢) البيت من مجزوء الكامل ، وهما للأعشى فى ديوانه ص ٢٠٩ ، وخزانة الأدب ١ / ١٧٢ ، ١٧٣ ، ٤ / ٤٠٤ ، ٦ / ٥٠٠ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٩٨ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١١٤ ، وشرح المفصل ٣ / ٢٢ ، والشعر والشعراء ١ / ١٦٣ ، والكتاب ١ / ١٧٩ ، ٢ / ١٦٦ ، ولسان العرب (جذر) ، (بده) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٥٣ ، وبلا نسبة فى أمالى ابن الحاجب ٢ / ٦٢٦ ، ورصف المبانى ص ٣٥٨ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١١٨ ، والمقتضب ٤ / ٢٢٨ ، والمقرب ١ / ١٨٠.