بزيد وك ، ونزلت على زيد وه لضعفه أن يفارق ما جرّه. فأمّا إذا لم يظهر إلى اللفظ وكان إنما هو مقدّر فى النفس غير مستكره عليه اللفظ فإنّه لا يقبح ؛ ألا ترى أن هنا أشياء مقدّرة لو ظهرت إلى اللفظ قبحت ، ولأنها غير خارجة إليه ما حسنت. من ذلك قولهم : اختصم زيد وعمرو ؛ ألا ترى أن العامل فى المعطوف غير العامل فى المعطوف عليه ، فلا بد إذا من تقديره على : اختصم زيد واختصم عمرو ، وأنت لو قلت ذلك لم يجز ؛ لأن اختصم ونحوه من الأفعال ـ مثل اقتتل واستبّ واصطرع ـ لا يكون فاعله أقلّ من اثنين. وكذلك قولهم : ربّ رجل وأخيه ، ولو قلت : ورب أخيه لم يجز ، وإن كانت ربّ مرادة هناك ومقدّرة.
فقد علمت بهذا وغيره أن ما تقدّره وهما ليس كما تلفظ به لفظا. فلهذا يسقط عندنا إلزام سيبويه هذه الزيادة.
والفصل بين المضاف والمضاف إليه كثير ، وفيما أوردناه منه كاف بإذن الله وقد جاء الطائىّ الكبير بالتقديم والتأخير ، فقال :
وإن الغنى لى لو لحظت مطالبى |
|
من الشعر إلا فى مديحك أطوع |
وتقديره : وإن الغنى لى لو لحظت مطالبى أطوع من الشعر إلى فى مديحك ، أى فإنه يطيعنى فى مدحك ويسارع إلىّ. وهذا كقوله أيضا معنى لا لفظا :
تغاير الشعر فيه إذ سهرت له |
|
حتى ظننت قوافيه ستقتتل |
وكقول الآخر :
ولقد أردت نظامها فتواردت |
|
فيها القوافى جحفلا عن جحفل |
وذهب أبو الحسن فى قول الله سبحانه : (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [الناس : ٤ ، ٥ ، ٦] إلى أنه أراد : من شر الوسواس الخناس من الجنّة والناس (الذى يوسوس فى صدور الناس).
ومنه قول الله ـ عز اسمه ـ : (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ) [النمل : ٢٨] أى اذهب بكتابى هذا فألقه إليهم فانظر ما ذا يرجعون ثم تول عنهم. وقيل فى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) [المجادلة : ٣] إن تقديره : والذين يظاهرون من نسائهم