وباب الحمل على المعنى بحر لا ينكش (١) ، ولا يفثج (٢) ولا يؤبى (٣) ولا يغرّض ولا يغضغض. وقد أرينا وجهه ، ووكلنا الحال إلى قوّة النظر وملاطفة التأوّل.
ومنه باب من هذه اللغة واسع لطيف طريف ، وهو اتصال الفعل بحرف ليس مما يتعدّى به ؛ لأنه فى معنى فعل يتعدّى به. من ذلك قوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) [البقرة : ١٨٧] لمّا كان فى معنى الإفضاء عدّاه بإلى. ومثله بيت الفرزدق :
*قد قتل الله زيادا عنّى (٤) *
لمّا كان ذلك فى معنى : صرفه عنّى. وقد ذكرناه فيما مضى. وكان أبو علىّ يستحسنه وينبّه عليه.
ومنه قول الأعشى :
*سبحان من علقمة الفاخر*
علّق حرف الجرّ بسبحان لمّا كان معناه : براءة منه.
فصل فى التحريف
قد جاء هذا الموضع فى ثلاثة أضرب : الاسم ، والفعل ، والحرف.
فالاسم يأتى تحريفه على ضربين : أحدهما مقيس ، والآخر مسموع (غير مقيس).
الأول ما غيّره النسب قياسا. وذلك قولك فى الإضافة إلى نمر : نمرىّ ، وإلى شقرة : شقرىّ ، وإلى قاض : قاضوىّ ، وإلى حنيفة : حنفىّ ، وإلى عدىّ : عدوىّ ونحو ذلك. وكذلك التحقير ، وجمع التكسير ؛ نحو (رجل و) رجيل ورجال.
الثانى على أضرب : منه ما غيرته الإضافة على غير قياس ؛ كقولهم فى بنى
__________________
(١) نكش الشىء : أتى عليه وفرغ منه. ولا ينكش أى لا ينتهى ماؤه.
(٢) أى لا يبلغ غوره.
(٣) أى لا ينقطع من كثرته.
(٤) سبق.