وهذا يكاد يكون إلى ما لا نهاية [له].
فاعرف هذا الغرض ؛ فإنه أشرف من حفظ مائة ورقة لغة.
ونظير مجىء اسم المفعول هاهنا على حذف الزيادة ـ نحو أحببته فهو محبوب ـ مجىء اسم الفاعل على حذفها أيضا ، وذلك نحو قولهم : أورس (١) الرمث فهو وارس ، وأيفع الغلام فهو يافع ، وأبقل المكان فهو باقل ؛ قال الله عزوجل : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) [الحجر : ٢٢] وقياسه ملاقح ؛ لأن الريح تلقح السحاب فتستدرّه ، وقد يجوز أن يكون على لقحت هى ، فإذا لقحت فزكت ألقحت السحاب ، فيكون هذا ممّا اكتفى فيه بالسبب من المسبّب. وضدّه قول الله تعالى : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) [النحل : ٩٨] أى فإذا أردت قراءة القرآن ، فاكتفى بالمسبّب الذى هو القراءة من السبب الذى هو الإرادة. وقد جاء عنهم مبقل ، حكاها أبو زيد. وقال دواد ابن أبى دواد لأبيه فى خبر لهما ، وقد قال له أبوه ما أعاشك بعدى؟
أعاشنى بعدك واد مبقل |
|
آكل من حوذانه وأنسل (٢) |
وقد جاء أيضا حببته ، قال [الشاعر] :
ووالله لو لا تمره ما حببته |
|
ولا كان أدنى من عبيد ومشرق (٣) |
ونظير مجىء اسم الفاعل والمفعول جميعا على حذف الزيادة فيما مضى مجىء المصدر أيضا على حذفها ؛ نحو قولهم جاء زيد وحده. فأصل هذا أوحدته بمرورى إيحادا ، ثم حذفت زيادتاه فجاء على الفعل. ومثله قولهم : عمرك الله إلا فعلت أى عمّرتك الله تعميرا. ومثله قوله :
__________________
(١) أورس : أى اصفرّ ورقه. والرمث : شجر ترعاه الإبل.
(٢) الرجز لدؤاد بن أبى دؤاد فى لسان العرب (عيش) ، (بقل) ، وتاج العروس (عيش) ، (بقل) ، وسمط اللآلى ص ٥٧٣ ، ولأبى ذؤيب الهذلى فى زيادات شرح أشعار الهذليين ص ١٣١٢ ، ولسان العرب (نسل) ، وتاج العروس (نسل) ، وبلا نسبة فى لسان العرب (حوذ).
(٣) البيت من الطويل ، وهو لعيلان بن شجاع النهشلى فى لسان العرب (حبب) ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ٤١٠ ، وخزانة الأدب ٩ / ٤٢٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٨٠ ، وشرح المفصل ٧ / ١٣٨ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٦١.