فكما لا يشك فى أن كلامه هاهنا خرج مخرج الشك ، لما فيه من عذوبته وظرف مذهبه ، فكذلك ينبغى أن يكون قوله : أو أنت فى العين أملح (أو) فيه باقية فى موضعها وعلى شكّها.
وبعد فهذا مذهب الشعراء : أن يظهروا فى هذا ونحو شكّا وتخالجا ليروا قوّة الشبه واستحكام الشبهة ؛ ولا يقطعوا قطع اليقين ألبتّة فينسبوا بذلك إلى الإفراط ؛ وغلوّ الاشتطاط ؛ وإن كانوا هم ومن بحضرتهم ومن يقرأ من بعد أشعارهم يعلمون أن لا حيرة هناك ولا شبهة ؛ ولكن (كذا خرج) الكلام على الإحاطة بمحصول الحال.
وقال أيضا :
ذكرتك أن مرّت بنا أمّ شادن |
|
أمام المطايا تشرئبّ وتسنح (١) |
وقال الآخر :
أقول لظبى يرتعى وسط روضة |
|
أأنت أخو ليلى فقال : يقال |
وما أحسن ما جاء به الطائىّ الصغير (فى قوله) :
عارضننا أصلا فقلنا الربرب |
|
حتى أضاء الأقحوان الأشنب |
وقال الآخر :
فعيناك عيناها ؛ وجيدك جيدها |
|
سوى أنّ عظم الساق منك دقيق (٢) |
__________________
٢ / ٦٧٧ ، والإنصاف ٢ / ٤٨٢ ، وجمهرة اللغة ص ١٢١٠ ، والجنى الدانى ص ١٧٨ ، ٤١٩ ، وخزانة الأدب ٥ / ٢٤٧ ، ١١ / ٦٧ ، ورصف المبانى ص ٢٦ ، ١٣٦ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٦٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٢. ويروى (فيا) مكان (أيا). الوعساء : رملة. وجلاجل : موضع.
(١) البيت من الطويل ، وهو لذى الرمة فى ديوانه ص ١١٩٧ ، ولسان العرب (شرب) ، وكتاب العين ٦ / ٢٥٨ ، ومقاييس اللغة ٣ / ١٠٤ ، وتهذيب اللغة ١١ / ٣٥٥ ، وتاج العروس (شرب). ويروى : (إذ هرت) مكان (أن مرّت). الشادن : ولد الظبية حين يقوى ويشتدّ. وتسنح : تمرّ عن اليمين.
(٢) البيت من الطويل ، وهو للمجنون فى ديوانه ص ١٦٣ ، وجمهرة اللغة ص ٤٣ ، وخزانة الأدب ١١ / ٤٦٤ ، ٥٦٧ ، ٤٦٨ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٠٦ ، ولسان العرب (روع) ، ولرجل ـ ـ