وذهب قطرب إلى أن (أو) قد تكون بمعنى الواو ، وأنشد بيت النابغة :
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا |
|
إلى حمامتنا أو نصفه فقد (١) |
فقال : معناه : ونصفه. ولعمرى ، إن كذا معناه. وكيف لا يكون كذلك ولا بدّ منه ، وقد كثرت فيه الرواية أيضا بالواو : ونصفه. لكن هناك مذهب يمكن معه أن يبقى الحرف على أصل وضعه : من كون الشكّ فيه ؛ وهو أن يكون تقديره : ليتما هذا الحمام لنا (إلى حمامتنا) أو هو ونصفه. فحذف المعطوف عليها وحرف العطف ؛ على ما قدمناه فى قوله عزوجل : (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) [البقرة : ٦٠] أى فضرب فانفجرت. وعليه قول الآخر :
ألا فالبثا شهرين أو نصف ثالث |
|
إلى ذا كما ما غيبتنى غيابيا (٢) |
أى شهرين أو شهرين ونصف ثالث ، ألا تراك لا تقول مبتدئا : لبثت نصف ثالث ؛ لأن ثالثا من الأسماء المضمّنة بما معها. ودعانا إلى هذا التأوّل السعى فى إقرار (هذه) اللفظة على أوّل أحوالها.
فأمّا قول الله سبحانه : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) [الصافات : ١٤٧] فلا يكون فيه (أو) على مذهب الفرّاء بمعنى بل ، ولا على مذهب قطرب فى أنها بمعنى
__________________
من أهل اليمامة فى جمهرة اللغة ص ٢٩٢ ، وبلا نسبة فى شرح المفصل ٨ / ٧٩ ، ٩ / ٤٨ ، ولسان العرب (سوق) ، والمقرب ٢ / ١٨٢ ، والممتع فى التصريف ص ٤١١.
(١) البيت من البسيط ، وهو للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص ٢٤ ، والأزهيّة ص ٨٩ ، ١١٤ ، والأغانى ١١ / ٣١ ، والإنصاف ٢ / ٤٧٩ ، وتخليص الشواهد ص ٣٦٢ ، وتذكرة النحاة ص ٣٥٣ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٢٥١ ، ٢٥٣ ، والدرر ١ / ٢١٦ ، ٢ / ٢٠٤ ، ورصف المبانى ص ٢٩٩ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٧٥ ، ٢٠٠ ، ٢ / ٦٩٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٣٣ ، وشرح المفصل ٨ / ٥٨ ، والكتاب ٢ / ١٣٧ ، واللمع ص ٣٢٠ ، ومغنى اللبيب ١ / ٦٣ ، ٢٨٦ ، ٣٠٨ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٥٤ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٣٤٩ ، وخزانة الأدب ٦ / ١٥٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٤٣ ، وشرح قطر الندى ص ١٥١ ، ولسان العرب (قدد) ، والمقرب ١ / ١١٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٦٥.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لابن أحمر فى ديوانه ص ١٧١ ، والأزهيّة ص ١١٥ ، وخزانة الأدب ٥ / ٩ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٤٨٣ ، والمحتسب ٢ / ٢٢٧.