الواو. لكنها عندنا على بابها فى كونها شكّا. وذلك أن هذا كلام خرج حكاية من الله عزوجل لقول المخلوقين. وتأويله عند أهل النظر : وأرسلناه إلى جمع لو رأيتموهم لقلتم أنتم فيهم : هؤلاء مائة ألف أو يزيدون.
ومثله مما مخرجه منه تعالى على الحكاية قوله : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) [الدخان : ٤٩] وإنما هو فى الحقيقة الذليل المهان ، لكن معناه : ذق إنك أنت الذى كان يقال له : العزيز الكريم. ومثله قوله ـ عزوجل ـ (وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ) [الزخرف : ٤٩] أى يا أيها الساحر عندهم لا عندنا ؛ (وكيف) يكون ساحرا عندهم وهم به مهتدون. وكذلك قوله (أَيْنَ شُرَكائِيَ) [النحل : ٢٧ ، الكهف : ٥٢] أى شركائى عندكم. وأنشدنا أبو علىّ لبعض اليمانية يهجو جريرا :
أبلغ كليبا وأبلغ عنك شاعرها |
|
أنّى الأغرّ وأنّى زهرة اليمن |
قال : فأجابه جرير ، فقال :
ألم تكن فى وسوم قد وسمت بها |
|
من حان موعظة يا زهرة اليمن! (١) |
فسماه زهرة اليمن متابعة له ، وحكاية للفظه. وقد تقدّم القول على هذا الموضع.
ومن ذلك ما يدعيه الكوفيون من زيادة واو العطف ؛ نحو قول الله ـ عزوجل ـ (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) [الزمر : ٧٣] (قالوا : الواو هنا زائدة مخرجة عن العطف. والتقدير عندهم فيها : حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها). وزيادة الواو أمر لا يثبته البصريون. لكنه عندنا على حذف الجواب ، أى حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها كذا وكذا صدقوا وعدهم ، وطابت نفوسهم ، ونحو ذلك مما يقال فى مثل هذا.
وأجاز أبو الحسن زيادة الواو فى خبر كان ؛ نحو قولهم : كان ولا مال له ، أى كان لا مال له. ووجه جوازه عندى شبه خبر كان بالحال ، فجرى مجرى قولهم : جاءنى ولا ثوب عليه ، أى جاءنى عاريا.
__________________
(١) حان : أى هلك.