باب فى اللفظ يرد محتملا لأمرين
أحدهما أقوى من صاحبه أيجازان جميعا فيه
أم يقتصر على الأقوى منهما دون صاحبه؟
اعلم أن المذهب فى هذا ونحوه أن يعتقد الأقوى منهما مذهبا. ولا يمتنع (مع ذلك) أن يكون الآخر مرادا وقولا. من ذلك قوله :
*كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا (١) *
فالقول أن يكون (ناهيا) اسم الفاعل من نهيت ؛ كساع من سعيت وسار من سريت. وقد يجوز مع هذا أن يكون (ناهيا) هنا مصدرا كالفالج والباطل والعائر والباغز ونحو ذلك ممّا جاء فيه المصدر على فاعل ، حتى كأنه قال : كفى الشيب والإسلام للمرء نهيا وردعا أى ذا نهى ، فحذف المضاف وعلّقت اللام بما يدلّ عليه الكلام. ولا تكون على هذا معلقة بنفس الناهى ؛ لأن المصدر لا يتقدم شيء من صلته عليه. فهذا وإن كان عسفا فإنه جائز للعرب ؛ لأن العرب قد حملت عليه فيما لا يشكّ فيه ، فإذا أنت أجزته هنا فلم تجز إلا جائزا مثله ، ولم تأت إلا ما أتوا بنحوه.
وكذلك قوله :
*من يفعل الخير لا يعدم جوازيه (٢) *
__________________
(١) عجز بيت من الطويل ، وهو لسحيم عبد بنى الحسحسا فى الإنصاف ١ / ١٦٨ ، وخزانة الأدب ١ / ٢٦٧ ، ٢ / ١٠٢ ، ١٠٣ ، وسرّ صناعة الإعراب ١ / ١٤١ ، وشرح التصريح ٢ / ٨٨ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٣٢٥ ، والكتاب ٢ / ٢٦ ، ٤ / ٢٢٥ ، ولسان العرب (كفى) ، ومغنى اللبيب ١ / ١٠٦ ، والمقاصد النحويّة ٣ / ٦٦٥ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ١٤٤ ، وأوضح المسالك ٣ / ٢٥٣ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٦٤ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٢٥ ، وشرح قطر الندى ص ٣٢٣ ، وشرح المفصل ٢ / ١١٥ ، ٧ / ٨٤ ، ١٤٨ ، ٨ / ٢٤ ، ٩٣ ، ١٣٨ ، ولسان العرب (نهى). وصدره :
*عميرة ودّع إن تجهّزت غاديا*
(٢) صدر البيت من البسيط ، وهو للحطيئة فى ديوانه ص ١٠٩ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٥٨٧ ، وتاج ـ ـ