باب فيما يحكم به القياس مما لا يسوغ به النطق
وجماع ذلك التقاء الساكنين المعتلين فى الحشو. وذلك كمفعول مما عينه حرف علة ؛ نحو مقول ومبيع ؛ ألا ترى أنك لما نقلت حركة العين من مقوول ومبيوع إلى الفاء ، فصارت فى التقدير إلى مقوول ومبيوع تصوّرت حالا لا يمكنك النطق بها ، فاضطررت حينئذ إلى حذف أحد الحرفين على اختلاف المذهبين. وعلى ذلك قال أبو إسحاق لإنسان ادّعى له أنه يجمع فى كلامه بين ألفين وطوّل الرجل (الصوت بالألف) فقال له أبو إسحاق : لو مددتها إلى العصر لما كانت إلا ألفا واحدة.
وكذلك فاعل مما (اعتلّت عينه) نحو قائم وبائع ؛ ألا تراك لمّا جمعت بين العين وألف فاعل ولم تجد إلى النطق بهما على ذلك سبيلا حركت العين فانقلبت همزة. ومنهم من يحذف فيقول :
*شاك السلاح بطل مجرّب (١) *
ويقول أيضا :
*لاث به الأشاء والعبرىّ (٢) *
وعلى ذلك أجازوا فى يوم راح ورجل خاف أن يكون فعلا ، وأن يكون فاعلا محذوف العين لالتقاء الساكنين. فإن اختلف الحرفان المعتلان جاز تكلف جمعهما حشوا ؛ نحو قاوت وقايت وقويت وقيوت. فإن تأخرت الألف فى نحو هذا لم يمكن النطق بها ؛ كأن تتكلف النطق بقوات أو بقيات. وسبب امتناع ذلك لفظا أن الألف لا سبيل إلى أن يكون ما قبلها إلا مفتوحا ، وليست كذلك الياء والواو.
فأنت إذا تكلفت نحو قاوت وقايت فكأنك إنما مطلت الفتحة ، فجاءت الواو والياء كأنهما بعد فتحتين ، وذلك جائز ، نحو ثوب وبيت ؛ ولو رمت مثل ذلك فى نحو
__________________
(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.