وكذلك الحرفان الصحيحان يقعان حشوا ، وذلك غير جائز نحو فصبل ومرطل ؛ هذا خطأ ، بل ممتنع.
فإن كان الساكنان المحشوّ بهما الأوّل منهما حرف معتل والثانى حرف صحيح تحامل النطق بهما. وذلك (نحو قالب ، وقولب ، وقيلب). إلا أنه وإن كان سائغا ممكنا فإن العرب قد عدته وتخطته ؛ عزوفا عنه وتحاميا لتجشّم الكلفة فيه ؛ ألا ترى أنهم لما سكنت عين فعلت ولامه حذفوا العين ألبتة فقالوا : قلت وبعت وخفت ، ولم يقولوا : قولت ، ولا بيعت ، ولا خيفت ولا نحو ذلك ممّا يوجبه القياس.
(وإذا) كانوا قد يتنكبون ما دون هذا فى الاستثقال نحو قول عمارة (ولا الليل سابق النهار) مع أن إثبات التنوين هنا ليس بالمستثقل استثقال قولت وبيعت وخيفت كان ترك هذا ألبتة واجبا.
فإن كان الثانى الصحيح مدغما كان النطق به جائزا حسنا ؛ وذلك نحو شابّة ودابّة وتمودّ الثوب وقوصّ بما عليه. وذلك أن الادغام أنبى اللسان عن المثلين نبوة واحدة ، فصارا لذلك كالحرف الواحد.
فإن تقدّم الصحيح على المعتل لم يلتقيا حشوا ساكنين ؛ نحو ضروب وضريب.
وأمّا الألف فقد كفينا التعب بها ؛ إذ كان لا يكون ما قبلها أبدا ساكنا. وذلك أنّ الواو والياء إذا سكنتا قويتا شبها بالألف. وإنما جاز أن يجيء ما قبلهما من الحركة ليس منهما ؛ نحو بيت وحوض لأنهما على كل حال محرّك ما قبلهما ؛ وإنما النظر فى تلك الحركة ما هى أمنهما أم من غير جنسهما. فأمّا أن يسكن ما قبلهما وهما ساكنتان حشوا فلا ؛ كما أن سكون ما قبل الألف خطأ. فإن سكن ما قبلهما وهما ساكنان طرفا جاز ؛ نحو عدو ، وظبى. وذلك أن آخر الكلمة أحمل لهذا النحو من حشوها ؛ ألا تراك تجمع فيه بين الساكنين وهما صحيحان ؛ نحو بكر وحجر وحلس. وذلك أن الطرف ليس سكونه بالواجب ؛ ألا تراه فى غالب الأمر محرّكا فى الوصل ، وكثيرا ما يعرض له روم (١) الحركة فى الوقف. فلما كان الوقف مظنّة من السكون ، وكان له من اعتقاب الحركات عليه فى الوصل ورومها فيه عند
__________________
(١) الروم ، فى اللغة ، ومصدر رامه : طلبه وفى الاصطلاح : إخفاء الصوت بالحركة عند النطق وذلك بتلفظ الحركات مختلسة اختلاسا بحيث يدركه القريب دون البعيد.