باب فى حفظ المراتب
هذا موضع يتسمّح الناس فيه ، فيخلّون ببعض رتبه تجاوزا لها ؛ وربما كان سهوا عنها. وإذا تنبهت على ذلك من كلامنا هذا قويت به على ألا تضيع مرتبة يوجبها القياس بإذن الله.
فمن ذلك قولهم فى خطايا : إن أصله كان خطائئ ، ثم التقت الهمزتان غير عينين فأبدلت الثانية على حركة الأولى ، فصارت ياء : خطائى ، ثم أبدلت الياء ألفا ؛ لأن الهمزة عرضت فى الجمع واللام معتلة ، فصارت خطاء ، فأبدلت الهمزة على ما كان فى الواحد وهو الياء ، فصارت خطايا. فتلك أربع مراتب : خطائئ ، ثم خطائى ، ثم خطاء ، ثم خطايا. وهو ـ لعمرى ـ كما ذكروا ؛ إلا أنهم قد أخلّوا من الرتب بثنتين : أما إحداهما فإن أصل هذه الكلمة قبل أن تبدل ياؤها همزة خطايئ بوزن خطايع ، ثم أبدلت الياء همزة فصارت : خطائئ بوزن خطاعع.
والثانية أنك لمّا صرت إلى خطائى فآثرت إبدال الياء ألفا لاعتراض الهمزة فى الجمع مع اعتلال اللام لاطفت الصنعة ، فبدأت بإبدال الكسرة فتحة لتنقلب الياء ألفا ، فصرت من خطائى إلى خطاءى بوزن خطاعى ، ثم أبدلتها ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، على حدّ ما تقول فى إبدال لام رحى وعصا ، فصارت خطاء بوزن خطاعى ، ثم أبدلت الهمزة ياء على ما مضى ، فصارت خطايا. فالمراتب إذا ست لا أربع. وهى خطايئ ، ثم خطائئ ثم خطائىّ ، ثم خطائئ ، ثم خطاءى ، ثم خطاء ، ثم خطايا. فإذا أنت حفظت هذه المراتب ولم تضع موضعا منها قويت دربتك بأمثالها ، وتصرفت بك الصنعة فيما هو جار مجراها.
ومن ذلك قولهم : إوزّة. أصل وضعها إوززة. فهناك الآن عملان :
أحدهما قلب الواو ياء لانكسار ما قبلها ساكنة ؛ والآخر وجوب الادغام. فإن قدّرت أنّ الصنعة وقعت فى الأوّل من العملين فلا محالة أنك أبدلت من الواو ياء ، فصارت إيززة ، ثم أخذت فى حديث الادغام فأسكنت الزاى الأولى ونقلت فتحتها إلى الياء قبلها ، فلما تحركت قويت بالحركة فرجعت إلى أصلها ـ وهو الواو