ـ ثم ادّغمت الزاى الأولى فى الثانية فصارت : إوزّة كما ترى. فقد عرفت الآن على هذا أن الواو فى إوزة إنما هى بدل عن الياء التى فى إيززة ، وتلك الياء المقدّرة بدل من واو (إوززة) التى هى واو وزّ.
وإن أنت قدّرت أنك لمّا بدأتها فأصرتها إلى إوززة أخذت فى التغيير من آخر الحرف ، فنقلت الحركة من العين إلى الفاء فصارت إوزّة ، فإن الواو فيها على هذا التقدير هى الواو الأصلية لم تبدل ياء فيما قبل ثم أعيدت إلى الواو ؛ كما قدّرت ذلك فى الوجه الأوّل. وكان أبو على ـ رحمهالله ـ يذهب إلى أنها لم تصر إلى إيززة. قال : لأنها لو كانت كذلك لكنت إذا ألقيت الحركة على الياء بقيت بحالها ياء ، فكنت تقول : إيزّة. فأدرته عن ذلك وراجعته فيه مرارا فأقام عليه. واحتجّ بأن الحركة منقولة إليها ، فلم تقو بها. وهذا ضعيف جدّا ؛ ألا ترى أنك لمّا حرّكت عين طىّ ، فقويت رجعت واوا فى طووىّ ، وإن كانت الحركة أضعف من تلك ؛ لأنها مجتلبة زائدة وليست منقولة من موضع قد كانت فيه قويّة معتدّة.
ومن ذلك بناؤك مثل فعلول من طويت. فهذا لا بدّ أن يكون أصله : طويوى.
فإن بدأت بالتغيير من الأوّل فإنك أبدلت الواو الأولى ياء لوقوع الياء بعدها ، فصار التقدير إلى طييوى ، ثم ادّغمت الياء فى الياء فصارت طيّوى (ثم أبدلت من الضمة كسرة فصارت طيّوى) ثم أبدلت من الواو ياء فصارت إلى طيّيى ، ثم أبدلت من الضمة قبل واو فعلول كسرة ؛ فصارت طيّيى ، ثم ادّغمت الياء المبدلة من واو فعلول فى لامه فصارت طيّىّ. فلمّا اجتمعت أربع ياءات ثقلت ، فأردت التغيير لتختلف الحروف ، فحرّكت الياء الأولى بالفتح لتنقلب الثانية ألفا فتنقلب الألف واوا ، فصار بك التقدير إلى طيىّ ، فلمّا تحرّكت الياء التى هى بدل من واو طويوى الأولى قويت فرجعت بقوّتها إلى الواو فصار التقدير : طويىّ ، فانقلبت الياء الأولى التى هى لام فعلول الأولى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت طواىّ ، ثم قلبتها واوا لحاجتك إلى حركتها ـ كما أنك لما احتجت إلى حركة اللام فى الإضافة إلى رحى قلبتها واوا ـ فقلت : طووىّ ؛ كما تقول فى الإضافة إلى هوى علما : هووىّ. فلا بدّ أن تستقرئ هذه المراتب شيئا فشيئا ، ولا تسامحك الصنعة بإضاعة شيء منها.