منهما. وليس له عندى إلا احتجاجه بقولهم : مررت بزيد ونحوه ، وبقولهم : لا أبا لك. وقد ذكرنا ذلك فى باب التقديرين المختلفين لمعنيين مختلفين.
ولندع هذا إلى أن نقول : لو وجد فى الكلام تركيب (ووى) فبنيت منه فعلا لصرت إلى ووى. فإن بدأت بالتغيير من الأوّل وجب أن تبدل الواو التى هى فاء همزة ، فتصير حينئذ إلى أوى ، ثم تبدل الواو العين ياء لوقوع اللام بعدها ياء ، فتقول : أىّ.
فإن قلت : أتعيد الفاء واوا لزوال الواو من بعدها (فتقول : وىّ ، أو تقرّها على قلبها السابق إليها فتقول : أىّ؟) فالقول عندى إقرار الهمزة بحالها ، وأن تقول : أىّ ؛ وذلك أنا رأيناهم إذا قلبوا العين ـ وهى حرف علة ـ همزة أجروا تلك الهمزة مجرى الأصلية. ولذلك قال فى تحقير قائم : قويئم ، فأقرّ الهمزة وإن زالت ألف فاعل عنها. فإذا فعل هذا فى العين كانت الفاء أجدر به ؛ لأنها أقوى من العين.
فإن قلت : فقد قدّمت فى إوزّة أنها لمّا صارت فى التقدير إلى إيززة ، ثم أدرت إليها حركة الزاى بعدها فتحركت بها ، أعدتها إلى الواو فصارت إوزّة ، فهلا أيضا أعدت همزة أىّ إلى الواو لزوال العلة التى كانت قلبتها همزة ، أعنى واو أوى ، قيل : انقلاب حرف العلة همزة فاء أو عينا ليس كانقلاب الياء واوا ولا الواو ياء ، بل هو أقوى من انقلابهما إليهما ؛ ألا ترى إلى قولهم : ميزان ، ثم لما زالت الكسرة عادت الواو فى موازين ومويزين. وكذلك عين ريح قلبت للكسرة ياء ، (ثم لما) زالت الكسرة عادت واوا ، فقيل : أرواح ، ورويحة. وكذلك قولهم : موسر وموقن ، لما زالت الضمة عادت الياء فقالوا : مياسر ، ومياقن. فقد ترى أن انقلاب حرف اللين إلى مثله لا يستقرّ ولا يستعصم ؛ لأنه بعد القلب وقبله كأنه صاحبه ، والهمزة حرف صحيح ، وبعيد المخرج ، فإذا قلب حرف اللين إليه أبعده عن جنسه ، واجتذبه إلى حيزه ، فصار لذلك من واد آخر وقبيل غير القبيل الأوّل.
فلذلك أقرّ على ما صار إليه ، وتمكنت قدمه فيما حمل عليه. فلهذا وجب عندنا أن يقال فيه : أىّ.
(وأما إن) أخذت العمل من آخر المثال فإنك تقدّره على ما مضى : ووى ، ثم تبدل العين للام ، فيصير : وىّ ، فتقيم حينئذ عليه ولا تبغى بدلا به ؛ لأنك لم