باب فى إضافة الاسم إلى المسمى ، والمسمى إلى الاسم
هذا موضع كان يعتاده أبو على رحمهالله كثيرا ويألفه ويأنق له ويرتاح لاستعماله. وفيه دليل نحويّ غير مدفوع يدلّ على فساد قول من ذهب إلى أن الاسم هو المسمّى. ولو كان إياه لم تجز إضافة واحد منهما إلى صاحبه ؛ لأن الشىء لا يضاف إلى نفسه.
(فإن قيل : ولم لم يضف الشىء إلى نفسه).
قيل : لأن الغرض فى الإضافة إنما هو التعريف والتخصيص ، والشىء إنما يعرّفه غيره ؛ لأنه لو كانت نفسه تعرفه لما احتاج أبدا أن يعرف بغيره ؛ لأن نفسه فى حالى تعريفه وتنكيره واحدة ، وموجودة غير مفتقدة. ولو كانت نفسه هى المعرّفة له أيضا لما احتاج إلى إضافته إليها ؛ لأنه ليس فيها إلا ما فيه ، فكان يلزم الاكتفاء به ، عن إضافته إليها. فلهذا لم يأت عنهم نحو هذا غلامه ، ومررت بصاحبه ، والمظهر هو المضمر المضاف إليه. هذا مع فساده فى المعنى ؛ لأن الإنسان لا يكون أخا نفسه ولا صاحبها.
فإن قلت : فقد تقول : مررت بزيد نفسه ، وهذا نفس الحقّ ، يعنى أنه هو الحقّ لا غيره.
قيل : ليس الثانى هو ما أضيف إليه من المظهر ، وإنما النفس هنا بمعنى خالص الشىء وحقيقته. والعرب تحلّ نفس الشىء من الشىء محل البعض من الكل ، وما الثانى منه ليس بالأوّل ، ولهذا حكوا عن أنفسهم مراجعتهم إياها وخطابها لهم ، وأكثروا من ذكر التردّد بينها وبينهم ، ألا ترى إلى قوله :
ولى نفس أقول لها إذا ما |
|
تنازعنى لعلّى أو عسانى (١) |
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو لعمران بن حطان فى تذكرة النحاة ص ٤٤٠ ، وخزانة الأدب ٥ / ٣٣٧ ، ٣٤٩ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٢٤ ، وشرح التصريح ١ / ٢١٣ ، وشرح المفصل ٣ / ١٢٠ ، ٧ / ١٢٣ ، والكتاب ٢ / ٣٧٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٢٩ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٣٣٠ ، وتذكرة النحاة ص ٤٩٥ ، والجنى الدانى ص ٤٦٦ ، والخزانة ٥ / ٣٦٣ ، ورصف المبانى ص ٢٤٩ ، وشرح المفصل ٣ / ١٠ ، ١١٨ ، والمقتضب ٣ / ٧٢ ، والمقرب ١ / ١٠١.