وفخرته أفخره (ونحو ذلك؟).
قيل : منع من ذلك أنّ فعلت لا يتعدّى إلى المفعول به أبدا ، ويفعل قد يكون فى المتعدّى كما يكون فى غيره ؛ ألا ترى إلى قولهم : سلبه يسلبه ، وجلبه يجلبه ، ونخله ينخله ، فلم يمنع من المضارع ما منع من الماضى ، فأخذوا منهما ما ساغ ، واجتنبوا ما لم يسغ.
فإن قلت : فقد قالوا : قاضانى فقضيته أقضيه ، وساعانى فسعيته أسعيه؟ قيل : لم يكن من (يفعله) هاهنا بدّ ، مخافة أن يأتى على يفعل فينقلب الياء واوا ، وهذا مرفوض فى هذا النحو من الكلام.
وكما لم يكن من هذا بدّ هاهنا لم يجئ أيضا مضارع فعل منه ممّا فاؤه واو بالضم بل جاء بالكسر ، على الرسم وعادة العرب. فقالوا : واعدنى فوعدته أعده ، وواجلنى فوجلته أجله ، وواضأنى فوضأته ، أضؤه. فهذا كوضعته ـ من هذا الباب ـ أضعه.
ويدلّك على أن لهذا الباب أثرا فى تغييره باب فعل فى مضارعه قولهم : ساعانى فسعيته أسعيه ، ولم يقولوا : أسعاه على قولهم : سعى يسعى لمّا كان مكانا قد رتّب وقرّر وزوى عن نظيره فى غير هذا الموضع.
فإن قلت : فهلا غيّروا ما فاؤه واو ؛ كما غيّروا ما لامه ياء فيما ذكرت ، فقالوا : واعدنى فوعدته أوعده ؛ لما دخله من المعنى المتجدّد؟.
قيل : (فعل) مما فاؤه واو لا يأتى مضارعه أبدا بالضمّ ، إنما هو بالكسر ، نحو وجد يجد ، ووزن يزن ، وبابه ، وما لامه ياء فقد يكون على يفعل ، كيرمى ويقضى ، وعلى يفعل ، كيرعى ويسعى. فأمر الفاء إذا كانت واوا فى فعل أغلظ حكما من أمر اللام إذا كانت ياء. فاعرف ذلك فرقا.
* * *