فمنه ما جاء مصحّحا مع وجود سبب العلّة فيه ، وذلك نحو محبب ، وثهلل ، ومريم ، ومكوزة ، ومدين. ومنه معدى كرب ؛ ألا تراه بنى مفعلا ممّا لامه حرف علّة ، وذلك غير معروف فى هذا الموضع. وإنما يأتى (فى ذلك مفعل) بفتح للعين ؛ نحو المدعى والمقضى والمشتى. وعلى أنه قد شذّ فى الأجناس شيء من ذلك ، وهو قول بعضهم : مأوى الإبل بكسر العين. فأما مأق (١) فليس من هذا.
ومن ذلك قولهم فى العلم : موظب ، ومورق وموهب. وذلك أنه بنى مما فاؤه واو مثال مفعل. وهذا إنما يجيء أبدا على مفعل ـ بكسر العين ـ نحو الموضع ، والموقع ، والمورد ، والموعد ، والموجدة.
وأما موألة علما فإن كان من وأل أى نجا فهو من هذا ؛ وإن كان من قولهم : جاءنى وما (مألت مأله) (٢) وما شأنت (٣) شأنه ، فإنه فوعل ، و (هذا على هذا) سرح : سهل.
ومن ذلك قولهم فى العلم : حيوة. وهذه صورة لو لا العلميّة لم يجز مثلها ؛ لاجتماع الياء والواو ، وسبق الأولى منهما بالسكون. وعلّة مجىء هذه الأعلام مخالفة للأجناس هو ما (هى عليه) من كثرة استعمالها ، وهم لما كثر استعماله أشدّ تغييرا ، فكما جاءت هذه الأسماء فى الحكاية مخالفة لغيرها ؛ نحو قولك فى جواب مررت بزيد : من زيد ، ولقيت عمرا : من عمرا ، كذلك تخطّوا إلى تغييرها فى ذواتها بما قدّمنا ذكره. وهذا من تدريج اللغة الذى قدّمنا شرحه (فيما مضى).
* * *
__________________
(١) قال فى اللسان : «... ويهمز فيقال مأقى ، وليس لهذا نظير فى كلام العرب ، فيما قال نصير النحوى ، لأن ألف كل فاعل من بنات الأربعة مثل داع وقاض ورام وعال لا يهمز ، وحكى الهمز فى مأقى خاصة الفراء فى باب مفعل : ما كان من ذوات الياء والواو من دعوت وقضيت فالمفعل فيه مفتوح ، اسما كان أو مصدرا ، إلا المأقى من العين ، فإن العرب كسرت هذا الحرف» انظر اللسان (مأق).
(٢) يقال : جاءه أمر ما مأل له مألا وما مأل مأله ؛ أى لم يستعدّ له ولم يشعر به ؛ وما تهيأ له. لسان العرب (مأل).
(٣) ما شأنت شأنه : أى ما علمت به.