هلمّ. وقال الفرّاء : أصلها (هل) زجر وحثّ ، دخلت على أمّ ؛ كأنها كانت (هل أمّ) أى اعجل واقصد ، وأنكر أبو علىّ عليه ذلك ، وقال : لا مدخل هنا للاستفهام ، وهذا عندى لا يلزم الفرّاء ؛ لأنه لم يدع أنّ (هل) هنا حرف استفهام ؛ وإنما هى عنده زجر (وحثّ) وهى التى فى قوله :
* ولقد يسمع قولى حيّهل (١) *
قال الفرّاء : فألزمت الهمزة فى (أمّ) التخفيف ، فقيل : هلمّ.
وأهل الحجاز يدعونها فى كلّ حال على لفظ واحد ، فيقولون للواحد والواحدة والاثنين والاثنتين والجماعتين : هلمّ يا رجل ، وهلمّ يا امرأة ، وهلمّ يا رجلان ، وهلمّ يا امرأتان ، وهلمّ يا رجال ، وهلمّ يا نساء. وعليه قوله :
* يا أيّها الناس ألا هلمّه (٢) *
وأمّا التميميون فيجرونها مجرى (لم) فيغيّرونها بقدر المخاطب. فيقولون : هلمّ ، وهلمّا ، وهلمّى ، وهلمّوا ، وهلممن يا نسوة. وأعلى اللغتين الحجازيّة ، وبها نزل القرآن ، ألا ترى إلى قوله ـ عزّ اسمه ـ : (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا) [الأحزاب : ١٨]. وأما التميميون فإنها عندهم أيضا اسم سمّى به الفعل ، وليست مبقّاة على ما كانت عليه قبل التركيب والضمّ. يدلّ على ذلك أن بنى تميم يختلفون فى آخر الأمر من المضاعف ، فمنهم من يتبع فيقول : مدّ وفرّ وعضّ ، ومنهم من يكسر ، فيقول : مدّ وفرّ وعضّ ، ومنهم من يفتح لالتقاء الساكنين ، فيقول : مدّ وفرّ وعضّ. ثم رأيناهم كلّهم مع هذا مجتمعين على فتح آخر هلمّ ، وليس أحد يكسر الميم ولا يضمّها. فدلّ ذلك على أنها قد خلجت عن طريق الفعلية وأخلصت اسما للفعل ، بمنزلة دونك وعندك ورويدك وتيدك (٣) : اسم
__________________
(١) عجز البيت من الرمل ، وهو للبيد بن ربيعة فى ديوانه ص ١٨٣ ، والأزمنة والأمكنة ٢ / ١٥٣ ، وخزانة الأدب ٦ / ٢٥٨ ، ٢٥٩ ، ٢٦٠ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٨٢١ ، وشرح المفصل ٤ / ٤٥ ، ولسان العرب (هلل) ، وتاج العروس (هلل). وصدره :
* يتمارى فى الذى قلت له*
(٢) الرجز بلا نسبة فى الأزهية ص ٢٥٧ ، وخزانة الأدب ٤ / ٢٦٧ ، وشرح المفصل ٤ / ٤٢ ، والكتاب ٤ / ١٦١.
(٣) التيد : الرفق.