باب فى أن سبب الحكم قد يكون سببا لضده
(على وجه)
هذا باب ظاهره التدافع ، وهو مع استغرابه صحيح واقع ؛ وذلك نحو قولهم :القود ، والحوكة ، والخونة ، وروع ، وحول ، وعور ، و (عوز لوز) (١) وشول ؛ قال :
* شاو مشلّ شلول شلشل شول (٢) *
وتلخيص هذه الجملة أن كلّ واحد من هذه الأمثلة قد جاء مجيئا مثله مقتض للإعلال ، وهو مع ذلك مصحّح ، وذلك أنه قد تحرّكت عينه ، وهى معتلّة ، وقبلها فتحة ، وهذا يوجب قلبها ألفا ، كباب ، ودار ، وعاب ، وناب ، ويوم راح ، وكبش صاف ، إلا أن سبب صحّته طريف ، وذلك أنهم شبّهوا حركة العين التابعة لها بحرف اللين التابع لها ، فكأن فعلا فعال ، وكأنّ فعلا فعيل. فكما يصحّ نحو جواب ، وهيام ، وطويل ، وحويل ، فعلى نحو من ذلك صحّ باب القود والحوكة والغيب والروع والحول والشول ، من حيث شبّهت فتحة العين بالألف من بعدها (وكسرتها بالياء من بعدها).
ألا ترى إلى حركة العين التى هى سبب الإعلال كيف صارت على وجه آخر (سببا للتصحيح) وهذا وجه غريب المأخذ. وينبغى أن يضاف هذا إلى احتجاجهم فيه بأنه خرج على أصله منبهة على ما غيّر من أصل بابه. ويدلّك على أنّ فتحة العين قد أجروها فى بعض الأحوال مجرى حرف اللين قول مرّة بن محكان :
__________________
(١) عوز : وصف من عوز الرجل ، إذا افتقر. ولوز : إتباع له.
(٢) عجز البيت من البسيط ، وهو للأعشى فى ديوانه ص ١٠٩ ، ولسان العرب (حنت) ، (شلل) ، (شول) ، وتهذيب اللغة ١١ / ٢٧٧ ، ٤١٢ ، وجمهرة اللغة ص ٨٨٠ ، وتاج العروس (حنت) ، (شلل) ، (شول). والشاوى : الذى يشوى اللحم ، والمشل : الخفيف ، والشّول الذى يشول بالشىء الذى يشتريه صاحبه ، أى يرفعه. ورجل شول أى خفيف فى العمل والخدمة مثل شلشل. والشول : الخفيف. اللسان (شول).